في
أول أيام عيد الفطر الموافق 12 / 8 / 1980 م كنا في دار جدي بالكلاسة ،
ومع أذان العصر سمعنا من بعيد زخات الرصاص كأنها جبهة حرب . تسللت للسطح
مستطلعا ، رأيت من جهة سوق الهال انتشار عناصر الجيش و مركباته ( تذكرت
للتو ما أخبرني به الحاج أحمد وليد لبان ، خياط حارتنا ، أن ابنته عندما
شاهدت مدرعات الجيش سألته ببراءة : بابا هل هؤلاء الإسرائيلية ؟ ) تلك
الليلة ذهبنا لبيت خال أبي الشيخ طالب صباغ ، و بدأت الأخبار تتوارد عن
مجزرة مروعة في .. حي المشارقة
ليس تقليبا للمواجع ، لكنها رشفات من أرشيف الذاكرة التي لم تختم بالشمع الأحمر ، فنحن لم و لن ننتقم ولكن ( لن ننسى ) و عدالة السماء بالمرصاد ! المقدم هاشم معلا - منفذ المجزرة - هرم و خرف و انتحر ، و رئيسه العميد علي حيدر طرد من الخدمة و سجن لأنه انتقد فكرة التوريث
المشارقة في حلب ، حي يتنسم عطرا و مطرا ، يعود بناؤه للقرن الثامن عشر ، وهو يرابط في منطقة خصبة خارج سور باب الجنان - أحد الأبواب التسعة - و يضم حارات متعددة كالكتاب و العينين و جسر النهر ، لم يتبقى منها أكثر من العشر ، فالأسد الأب راح يقضمها شيئا فشيئا حتى وصل لمحاذاة بستان الزهرة ، واختلق ساحة أسماها باسمه و وضع فيها تمثاله الكبير
يقال أن نواة الحي أسر عروبية مهاجرة من المشرق ، و يقال أيضا أن مجازر داريا و الحولة و حوران و التريمسة و القبير وجبل الزاوية ، نسخ كربونية من مجزرة المشارقة الكبرى . تلك المجزرة حصدت قرابة المائة من أبناء الحي خلال دقائق ، كان منهم عوائل بأكملها ، كعائلة العرعور : الشهيد د . عبد الرزاق عرعور - أستاذ كلية الهندسة - و الحاج أحمد عرعور ( 75 سنة ) و الطفل بكري عرعور - لم تشفع له رجله المكسورة و جبار الجبس - و عبد القادر عرعور و عبد الفتاح عرعور و زهير عرعور و علي عرعور و غسان عرعور و حسان عرعور و كمال عرعور و محمد عرعور و محمود عرعور ابن أحمد و محمود عرعور ابن محمد .. قتلهم الأسد ولم يتشفى بانتصاره ، فبعد 5 أو 6 سنوات فتح عبيده القبر الجماعي في ( السنابلة ) و هي مقبرة مؤرخ حلب الشيخ محمد راغب الطباخ - المتوفى في 1950 م - و بقربه قبر جدي لأمي أحمد اسكندراني .. نبشوا الجثامين و طلبوا من أهاليهم نقلهم ، كلهم كانوا بملابس العيد !! لم يحتمل قصابهم لمحات ابتساماتهم الساخرة منه ، و لم يحتمل شميم عبيرهم
عرجت المشارقة إلى الخلود ، و خنجر المجرم ما يزال يغذ في قلبها .. قصفوا بالطيران و الأسلحة الثقيلة أطلالها في 10 / 8 / 2012 م ، قتلوا الطفلة البسامة ( راية فداوي ) أفديك أيتها الراية الغالية ، و دعسوا شقيقتها دعد و شقيقتها الأصغر ( تسنيم ) ذات السنوات الثمان ، أضرموا النار في لعبهن و أحلامهن و حقائب مدرستهن .. ظنوا أنهم سيقتلون الذاكرة ، و إذ بهم يقتلون النسيان
في اليوتيوب رأيت أن محال المشارقة غير المكممة ، لم تدفع فواتير الفراق ، و اشتركت على أوسع نطاق في إضراب 2 / 6 / 2012 م
ليس تقليبا للمواجع ، لكنها رشفات من أرشيف الذاكرة التي لم تختم بالشمع الأحمر ، فنحن لم و لن ننتقم ولكن ( لن ننسى ) و عدالة السماء بالمرصاد ! المقدم هاشم معلا - منفذ المجزرة - هرم و خرف و انتحر ، و رئيسه العميد علي حيدر طرد من الخدمة و سجن لأنه انتقد فكرة التوريث
المشارقة في حلب ، حي يتنسم عطرا و مطرا ، يعود بناؤه للقرن الثامن عشر ، وهو يرابط في منطقة خصبة خارج سور باب الجنان - أحد الأبواب التسعة - و يضم حارات متعددة كالكتاب و العينين و جسر النهر ، لم يتبقى منها أكثر من العشر ، فالأسد الأب راح يقضمها شيئا فشيئا حتى وصل لمحاذاة بستان الزهرة ، واختلق ساحة أسماها باسمه و وضع فيها تمثاله الكبير
يقال أن نواة الحي أسر عروبية مهاجرة من المشرق ، و يقال أيضا أن مجازر داريا و الحولة و حوران و التريمسة و القبير وجبل الزاوية ، نسخ كربونية من مجزرة المشارقة الكبرى . تلك المجزرة حصدت قرابة المائة من أبناء الحي خلال دقائق ، كان منهم عوائل بأكملها ، كعائلة العرعور : الشهيد د . عبد الرزاق عرعور - أستاذ كلية الهندسة - و الحاج أحمد عرعور ( 75 سنة ) و الطفل بكري عرعور - لم تشفع له رجله المكسورة و جبار الجبس - و عبد القادر عرعور و عبد الفتاح عرعور و زهير عرعور و علي عرعور و غسان عرعور و حسان عرعور و كمال عرعور و محمد عرعور و محمود عرعور ابن أحمد و محمود عرعور ابن محمد .. قتلهم الأسد ولم يتشفى بانتصاره ، فبعد 5 أو 6 سنوات فتح عبيده القبر الجماعي في ( السنابلة ) و هي مقبرة مؤرخ حلب الشيخ محمد راغب الطباخ - المتوفى في 1950 م - و بقربه قبر جدي لأمي أحمد اسكندراني .. نبشوا الجثامين و طلبوا من أهاليهم نقلهم ، كلهم كانوا بملابس العيد !! لم يحتمل قصابهم لمحات ابتساماتهم الساخرة منه ، و لم يحتمل شميم عبيرهم
عرجت المشارقة إلى الخلود ، و خنجر المجرم ما يزال يغذ في قلبها .. قصفوا بالطيران و الأسلحة الثقيلة أطلالها في 10 / 8 / 2012 م ، قتلوا الطفلة البسامة ( راية فداوي ) أفديك أيتها الراية الغالية ، و دعسوا شقيقتها دعد و شقيقتها الأصغر ( تسنيم ) ذات السنوات الثمان ، أضرموا النار في لعبهن و أحلامهن و حقائب مدرستهن .. ظنوا أنهم سيقتلون الذاكرة ، و إذ بهم يقتلون النسيان
في اليوتيوب رأيت أن محال المشارقة غير المكممة ، لم تدفع فواتير الفراق ، و اشتركت على أوسع نطاق في إضراب 2 / 6 / 2012 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق