الأربعاء، 30 يناير 2013

عين التل

أرى ( عين التل ) عصية الدمع ، تجلد من الوحش الوطني - بعون راسبوتين و أبي لؤلؤة - قتتجلد و تنادي : أحد أحد
سنة 1914 م جفت مياه القناة الواصلة من قرية حيلان شرقي حلب - كان الخليفة عبد الملك وسعها و الملك الظاهر صلحها - أخذ الناس يشربون من نبع عين التل العذبة ينقلها السقائون ، و وقت فيضان قويق 1922 م نفذت شركة فرنسية تمديدات من العين إلى قساطل المياه و ركبت حنفيات عامة في الأحياء . سنة 1950 م توقف قويق عن المسير في هذه البقعة و غيرها بسبب كثرة السدود عليه ، و حوالي 1963 م جفت عين التل أيضا ولم تعد متنزها لصيد السمك


عين التل ، شمال شرق حلب و شمال الهلك و الشيخ فارس ، غربي الحيدرية و شرقي الشيخ مقصود ، منطقة صناعية و زراعية و سكنية ، أنشئ فيها على تل أخضر سنة 1962 م مخيم ( حندرات ) الذي لا تعترف به الأونروا !! حول معمل العوارض وقعت معارك ضارية ، ثم قصف فرن الذرة في 8 / 12 / 2012 م وبات هذا الحي العنوان المفضل لصواريخ ( اسكود ) التي دفع ثمنها الشعب من قوته و عرق جبينه


زرت عين التل ربيع 1979 م مع ثلة من أصدقائي - قبلها كنت أرى جارتنا الخالة أم عادل و ماهر تنتظر باص الريجي كل صباح ليحملها إلى الوظيفة - الريجي مصنع التبغ كان قائما و كذلك محلج الأقطان ، و لم يكن معمل الزيوت قد أنشئ .. في قصف 15 / 1 / 2013 م قتلوا امرأة و طفلين صغيرين ، لم يرتووا من دماء الطفل عقيل عقيل - 11 سنة - و الطفل محمد حمشو - 14 سنة - و الشاب خليل قوسمي الذين قتلوهم سابقا . أحد القناصة من وراء جدار ، قتل الشهيد عبد اللطيف بشلموني - 59 سنة - في 22 / 11 / 2012 م
عقيدة حماة الديار في غابة الأسد باتت عبئا حضاريا و قيميا ، الإنسان في الجيش مجرد عصا و آلة عمياء .. الأسد الأب فعلا دخل التاريخ من بوابته السوداء ، حتى قبره غطي بالمرمر الأسود

كرم .. آل حومد

قرر رمسيس الثاني ( سنقتل أبناءهم و نستحيي نساءهم و إنا فوقهم قاهرون ) 127 - 7 و هكذا أيضا قرر الأسد الثاني .. المفارقة أن امرأة فرعون كانت مثلا أعلى ، بينما أسماء الأخرس كانت حمالة الحطب ( طالعوا مقالة : يامن كنت ابنة عمي بتاريخ 29 / 12 / 2012 م ) لقد لفتني حي صغير جنوب شرق حلب مابين الصالحين جنوبا و باب النيرب شمالا ، كل شهدائه من الصغار و البراعم البريئة البسامة ، ابتداء من الخدج في مشفى الأطفال القريبة - انتقلت من محيط القلعة و كان اسمها المستشفى الوطني - و انتهاء بمن هم دون سن التكليف ! في عمر السنتين استشهدت طفلة غير موثقة ، وفي عمر 3 سنوات استشهد عمر الواوي ، وفي عمر 4 سنوات استشهدت فادية الواوي ، وفي عمر 5 سنوات استشهد محمد الواوي ، وفي عمر 9 سنوات استشهدت فاطمة الواوي ، و في عمر 10 سنوات استشهد مروان عساني ، وفي عمر 11 سنة استشهد أحمد كرميش ، وفي عمر 13 سنة استشهد حسن جسومة ، و في عمر 14 سنة استشهد عدنان عساني ، وفي عمر 15 سنة استشهد محمود الواوي ، وفي عمر 16 سنة استشهد علي العمر ، وفي سن 17 سنة استشهد علي أحمد غصيبة و إبراهيم دحام غصيبة . كرم حومد حلية من الشهادة و الشهداء ، و أقصوصة مسك يعج من تربته الخضيبة بأطهر الطفولة

كل هذا القصف و القتل من أجل صد دولة القانون و الحريات و حقوق الإنسان ، القآدمة القآدمة مثل تسونامي مضرجة بالدم و مكللة بالألم !! هذه كلها منطقة كروم و مزارع الفستق الحلبي الأخضر و موطن الفقراء و الضعفاء - أتباع النبي الأمي و كل الأنبياء - و في حقبة الثمانينيات كانت مثل غوطة دمشق الآن ، خضرة و ثورة و بطولات و ملاجئ

نقطة هامة : الثورات مثل العنقاء لا تغطي الخطايا و المخطئين ، و كل فوضى نلامسها هي في عنق بشار الأسد الطويلة ، عدو التغيير الأول و شيخ كار قطاع الطرق

معاصم المعصرانية !!

تحررت معاصم ( المعصرانية ) من قيودها في 25 / 7 / 2012 م ، لكنها لم تتحرر من أغلال السوخوي و الميغ و المدفعية البعيدة المدى . يوم مجازر هندسة الشهادة في جامعة حلب 15 / 1 / 2013 م ، ارتكبت كتائب الأسد جريمة جديدة داخل الحي الواقع غرب طريق المطار الدولي و جنوب طريق باب بزاعة ، و كما قصفوا الطلبة الآمنين داخل ( الحرم ) الجامعي من الجو ، وجهوا فوهات دباباتهم من البر إلى هذا الحي الذي شبهته جريدة قاسيون - 12 / 8 / 2007 م - بمخيم جنين !! أعجبني تعليق ابنتي بنان على مجازر الجامعة : خايفين من طلاب الهندسة يعمروا سورية

المعصرانية .. براءة تمتشق الجراح ، رأيت صورة لها تعود لسنة 2005 م ظننتها إحدى قرى إفريقيا . منطقة معدمة اشتهرت بمقلب القمامة و انتشار الأمراض المعدية و منها حبة حلب - اللاشمانيا - الحفر و التلال و البرك الطينية و المظالم اليومية و قسوة العساف ، و حتى مشروع السكن الشبابي البديل عن العشوائيات ( 68 هكتار و 4000 شقة ) حكاية أكملوها بالقنابل المضيئة بدلا عن الكهرباء المنقطعة من شهور ، و بالمتفجرات العنقودية بدلا عن عناقيد الزيتون الأخضر و الأسود الذي كان و معصرانية زيته التي كانت
في 14 / 9 / 2012 م أنقذت طفلة من تحت أنقاض الخرائب و الحرائق ، لم يعجب القتول ذلك فقتل عوضا عنها الطفلة وفاء بركات - 15 سنة - و في آخر أيام السنة الماضية أحرق القتول المتلهف للدم و الدمار معمل الدهانات الشهير .. الشهداء زكور بركات و محمد شومان و محمد الجبي و تركي خصيم قتلوهم في الحي ، أما الشهيد بسام علوش فقد قنصوه في دمشق بتاريخ 21 / 8 / 2012 م


أحرار المعصرانية الذين كانوا يخرجون من جامع أبي عبيدة ومن غيره ، ينطبق عليهم في بسالتهم و مضائهم ما قاله الفيلسوف محمد إقبال


يرى الجبان غزال القاع مرتعدا / حتى كأن غزال القاع ضرغام ..
و الحر يلقى أسود الغيل مبتسما / حتى كأن أسود الغيل أغنام

وما أدراك ما العقبة ؟

إذا نظرت وراء موقف سيف الدولة في المنشية الجديدة ، ستشاهد ارتفاع ( العقبة ) عن محيطها كأنها صقر يطير ولا يطير ، كأنها القرطاس الذي تقرأ فيه كل تاريخ حلب ( عقبة بني المنذر ، سميت كذلك لنشوزها عن بقية الأرض ، و لأن المناذرة أول من نزلها بعد الفتح ) أحجار الجدار الجنوبي لجامع القيقان ترجع للقرن 14 ق . م ، و الكتابة الهيروغليفية المكتشفة دليل كالنهار

حمام البزدار - بناها الصفي بن المنذر ناظر حلب وقت الأيوبيين - و حمام الخواجة و الزاوية الكمالية و مسجد الكيزاوي و بيت الحاكم سابق بن مرداس - 468 ه - بعض أجاعيد حي العقبة الواقع شرقي باب الجنين و نهر قويق و ناعورته و شمالي الجلوم و باب أنطاكية . هو يعتبر من أعلى التلال التي تتأثر بالزلازل و ماؤه أجاج كماء البحر ، من عوائله آل واعظ و الطرابلسي و الإسكندراني و المهروسة .. استشهد فيه مؤخرا الشاب جمال مهروسة و كذلك فاضل حميدة و عيسى الخطيب و محمود سقعان و سواه


كانت دار عم والدتي العربية العريقة دوحة دهشة و سكون ، داهموها قبل 33 سنة و أخذوا الإبن الأكبر عبد الرؤوف و لم يرجعوه - قبيل أيام من عرسه ، خطيبته كانت شقيقة أبي دجانة عندليب المنشدين - و بعدها بفترة عادوا فأخذوا كل العائلة و منهم عمه الراحل التشكيلي أحمد اسكندراني ، اختطفوهم و روعوهم لأيام !! من المدخل الشرقي جهة وراء الجامع و ملابس فريج ، كانت عيادة الممرض المبدع عادل قطاية ، أجرى لأختي الصغرى منار سنة 1971 م جراحة ناجحة جانب عينها اليمنى .. و بعده بخطوات معمل الحلواني ( قزموز ) ملك جوز الهند


في أحداث 2012 م تهدم العديد من بيوتات العقبة بفعل القصف المدفعي الهمجي ، لكنها بقيت عقبة كالعقاب يطير ولا يطير
سنة 2001 م زرت العقبة في الأردن آتيا من مصر بحرا ، أثارني هذا الخليج القلزمي الأروع ، أربع دول متجاورة تطل عليه لتلقي السلام ولا تمل : مصر و فلسطين و الأردن و السعودية


في القرآن الكريم السورة 90 ( فلا اقتحم العقبة و ما أدراك ما العقبة ؟ ) هي تحرير من عبودية و إطعام من مسغبة و مجاعة

الشهباء .. والشهباء الجديدة

يقيم في الرياض مهاجرا منذ 1974 م أديب و أكاديمي و مفكر إسلامي هو د . محمد علي الهاشمي - شافاه الله - خرج معترضا على دستور غابة الأسد ، بينما بقيت دارته تحت الإنشاء في أجمل بقعة بحي ( الشهباء ) غرب السبيل و شرق الزهراء و المحلق و شمال الجامعة ، بقيت عشرات السنون وثيقة إدانة لظلم الظلمة ، مثلما بقيت لوحتي ولديه الطبيبين عبد اللطيف و أسامة - فقيد تدمر - معلقتين فوق عيادتيهما في المنشية القديمة

هذا الحي الحديث - عمره 40 سنة - القابع الآن تحت القصف هو منطقة الأثرياء ، كان أساسه جمعية البلدية و كذلك شقيقه المجاور والأقل عمرا ( الشهباء الجديدة ) الذي يضم عددا من الجمعيات السكنية .. في 1 / 11 / 2012 م سقط فيه 4 شهداء مدنيين غير معروفين ( على مستوى مدينتي حلب هناك 500 شهيد مجهول الهوية ) و أيام الثمانينيات افتقد عددا من شاماته و شبابه ، منهم الشهيد همام الشامي و الدكتور حسان سعيد - صهر الصديق النابغة جمال حجار - و كذلك عماد الخطيب و شقيقه و والده - قتلوا والده انتقاما من هروب ابنه المهندس زهير من سجن كفر سوسة مع 17 آخرين في 21 / 5 / 1980 م - و الشهيد أنس عنجريني و شقيقه و الشهيد إياد الداخل !! أبو سنان - زهير الخطيب - في كندا الآن ، وهو من أخير و أذكى من عرفت في حياتي


جامع الرضوان - و قبل الشيخ عبد الهادي بدلة - كان يخطب فيه الدكتور أيمن أبو غدة المنفي من وطنه و نجل العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح رحمه الله ، أما جامع أبي حنيفة - و كما العديد من المرات - فقد خرج أحراره بعد تراويح 20 / 7 / 2012 م نصرة لحي صلاح الدين الحطيم و ضد المستبد الذي لا شبيه له .. دفتر الشهباء يكتظ بصفحات الوجع رغم رخائه الظاهري ، ففي 13 / 3 / 2009 م قام زياد غزال - شقيق محافظ حمص الأسبق - بمطاردة و تحطيم سيارة الصبيتين من أسرة النابلسي ، و في 12 / 10 / 2010 م اعتدى الشبيحة بالضرب المبرح على الطفل لطفي السومي أمام سمع و بصر والدته المسكينة


اعتاد القاتل المستهبل أن ينهش سورية ، لكن سورية - بصبرها و صمودها - ستنهشه و ترميه جيفة لسباع البرية ، قريبا قرب الشهباء

الأحد، 13 يناير 2013

مجزرة الجزماتي

كنا صغارا منتصف السبعينيات و كان جارنا ممدوح يأخذنا بسيارته الصالون - فولكسفاغن - إلى بستان الجزماتي و بجواره بستان الطراب و أشجار الجوز و اللوز و الفستق الحلبي ، كانت الفرحة تقفز من عيوننا و قلوبنا البريئة و نحن نسلم على البستاني البسام ! 

كرم الجزماتي صار بعدها حيا سكنيا يلاصق من جهته الغربية كرم الميسر - على الشمال من مطار حلب و الجنوب من طريق الباب - كما أن جارنا ممدوح تعرض للقنص قبل أيام قليلة ، شافاه الله

أعنون هذه العجالة ( مجزرة الجزماتي ) لكنها مجازر لم تصب فقط آل جزماتي ، آخر مجزرة كانت في جمعة مخيمات الموت 11 / 1 / 2013 م حين سقط 4 شهداء ، و يوم خطاب بشار الأسد في 6 / 1 / 2013 م - منسوب كذب هذا المسيلمة لم يعد يحتمل - حدثت مجزرة وكأنه لا يريد رؤية أحرار الجزماتي الذين ردوا على خطاب النسخة الثانية في 20 / 6 / 2011 م ، و كذلك هناك مجزرة 31 / 12 / 2012 م .. الشهداء نورا بيبي و نجمة المطير و بتول الأحمد و عبد القادر قطان و عبد الباسط حمود و عبد الفتاح سمور و عمر كركتلي و سامر حاج حسن و أحمد حداد و أنس حمود و شقيقه بعمر 10 سنوات ، هم بعض من سقط بصواريخ أرض أرض المنبعثة من فرع الأمن السياسي بالسليمانية ، أو الآتية من ناحية اللواء 80 - كما 27 / 12 / 2012 م - أو طائرات الميغ و السوخوي


مظاهرة 9 / 6 / 2011 م نصرة لحوران الحبيبة كانت من طليعة المظاهرات الحلبية في هذا الحي ، و في 21 / 9 / 2012 م هب الناس من مسجد أبي عبيدة انتصارا للمدن الثائرة ، تماما كمسجد الفاروق و دوار الشلالات .. البعض هرب هائما من أوار النار و البعض أخذ يطفئها كما في 20 / 12 / 2012 م


هنا سوق الجمعة القديم ، و هنا المدرسة المقصوفة بتاريخ 14 / 9 / 2012 م
هنا أسطورة المستضعفين الذين غلبتهم شهوة الكرامة و الكبرياء ، هنا الكرام الذين يتوسلون كل وسيلة لدفع الطغام و اللئام

الثلاثاء، 8 يناير 2013

قسطل الحرامي


لسبب واضح وحيد لن ينتفع الأسد الولد لا بالمدد التلمودي ولا الزرداشتي ، وهو أن ثورة السوريين : قضاء و قدر
في موقعة حنين - 8 ه - كان القائد يقول ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) و تصحيح الذاكرة حرف جر إلى حشد الحقيقة و الشعاع ، بعيدا عن المجازفة و الزيف !! جاء في كتاب ( ثماني سنوات في سورية 1842 - 1850 م ) للرحالة الإنكليزي بيل ، أن أهالي قسطل الحرامي ثاروا ثاني أيام الأضحى في 16 / 10 / 1850 م و هاجموا المخفر و عسسه ، و أن الوالي ظريف باشا تغلب عليهم و عاقبهم بالسوط و الفلق . و في كوليرا سنة 1875 م كان يموت في حلب كل يوم 300 إنسان بالحد المتوسط ، و مطلع سنة 1911 م غمرت الثلوج عدة أمتار هذه البقعة و غيرها و مات خلق كثير من البرد ، و انقطعت الطرق و القوافل و السبل .. قسطل الحرامي في 2012 و 2013 م مارد في التمرد ، و مظاهرة 14 / 12 / 2012 م ليست الأخيرة أو المبرر لمجزرة 16 / 12 / 2012 م ، بل كانت صدى لمجزرة 2 / 12 / 2012 م و مقتل الطفلة و المرأة و من قبلهما في 23 / 8 / 2012م مقتل السيدة السبعينية رحمها الله


استشهد هنا أحمد الجلب و عبد الله حمامي و عبد الرحمن قرقاش و عمر الزين و محمد حاج أحمد و محمد يحيى علي و محمد حمامي و سواه ، لكن جامع قسطل الحرامي أو برد بك - المجدد أواخر القرن 15 م - ما زال يصدح بنداء الله أكبر ، رغم دماره النسبي في 18 / 8 / 2012 م


قسطل الحرامي ، حي عتيق يقع شمال باب النصر و شماله الحميدية و ميسلون ، و هو على الشرق من الجديدة العريقة يجاور قسطل المشط ( بناه قاسم بن المشط في 1047 ه ) سكني و فيه متاجر تقليدية و حمامات و خانات و قبر برد بك - تاجر الممالك السلطانية - الذي بنى القسطل و جر إليه الماء من القناة العامة بطريقة غير رسمية ، فسمي هذا المنهل بالحرامي ! و قيل أنه قسطل الحرمي نسبة للحرم الشريف و تجمع الحجاج في ساحته .. و القسطل كلمة يونانية معربة تعني مكان توزيع الماء ، من العوائل هنا آل عبه جي و آل ورد و آل بركات و آل حجو ، أسرة الممثل المعروف عمر حجو


أورثني أبي - رحمه الله - محبة القسطل و الفرلق على طريق اللاذقية - لؤلؤة البحر المتوسط و متروبوليت سورية - غابات و جبال الفرلق و مياه القساطل العذباء كأنها هبطت من جنة السماء ، بحثت لها عن مكان فلم تجد غيره .. لله درها سورية
سورية الحورية و الحرية

الأحد، 6 يناير 2013

الشيخ نجار

وضع مدير الناحية بسطاره على فم المرأة المنتحبة السبعينية ، راح يضغط بشدة حتى لا يصل استعصامها بالمعتصم إلى أسماعه ، وقتها كانت الجرافة تحرث بيتها الريفي القرميدي المخالف لتعاليم الحاكم بأمره . نساء قرية ( الشيخ نجار ) انتفضن على العار ، راحت الحجارة و الأحذية و الأرواث تطارد زبانية الوثن حتى ردوهم عن حياض العجوز .. حدث هذا في 29 / 7 / 2010 م
على أوتوسترادات عديدة شمال شرق حلب - منها طرق الباب و السفيرة و المسلمية - تقع قرية الشيخ نجار غير النائية ، تبعد 5 كم و يقطنها 5000 نسمة فقط . و على مقربة منها تقع مدينة الشيخ نجار الصناعية العملاقة ( 4400 هكتار ) باستثمارات تزيد على 300 مليار ليرة !! خلع السكان هنا حرائق البيوت و القمامة ، الفقر و الحرمان و السخرة و المدرسة الإبتدائية الوحيدة كل ذلك أثمر الثورة
أحبك يا شيخ نجار لأنني لا أعرفك ، هذا الصوفي المتقشف فرض اسمه على أشهر منطقة صناعية في الشرق الأوسط ، مئات المعامل المتنوعة تشتغل منذ سنة 2000 م يحاول الأفاك السفاك دمدمتها ، في 10 / 12 / 2011 م انتشر شبيبته و شبيحته هنا لحرق كل مصنع يستجيب لإضراب الكرامة ، و في 14 / 11 / 2012 م كانت ألسنة النيران اللعينة تلعلع بالإرغام لتفتك بحضارة الإنسان و تقدمه و مكانته و ماكينته . ليس الموت هنا أقرب من حبل الوريد ، رغم اكتشاف المقبرة الجماعية بتاريخ 30 / 8 / 2012 م ، إنما الإرادة و المسؤولية و الكدح و الروح


استشهد الطفل إسماعيل العبد الله - 9 سنوات - و فياض الحمادي من عشيرة عميرات و زكور خواتمي و إبراهيم بطيخة و رحمو الرحيم و غيره و غيره ، ومن أعيق بسبب القصف علمه عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى
نقلت وكالة ( آكي ) الإخبارية في 31 / 12 / 2012 م أن في سورية 270 ألف حالة إعاقة دائمة بسبب الأحداث .. أي رأس سنة هذا ؟؟ كيف نبتسم ؟؟

الجمعة، 4 يناير 2013

وراء الجامع

تشرفت بالحديث عن مسجد ابن عبد الملك ( الجامع الكبير ) قبل أن يتمادى عليه نيرون قرداحة في 13 / 10 / 2012 م ، لكن السيرة تأخذني ثانية إلى الجهات الأربع للبقعة التاريخية ، إلى أول الوعي و أنا أسمع من أمي - أدامها الله - عن السوق الأوسع و المكان الأسرع و الأكثر تنوعا ، عن .. وراء الجامع

خان الحرير و الوزير و سوق النسوان و متحف التقاليد الشعبية - كم لفتتني فيه ملابس الجندي الأيوبي - و طلعة القلعة و بوابة السويقة و محلات الحاج محمد باذنجكي - شاه بندر الصدق و الكرم - و ناشد إخوان الدروبس الشهير و مصنع مشروبات ببل اب جوار مصلحة المياه - اول مرة صعدت فيها المصعد مع ابي - و بيت المتنبي الشاعر و روائع صندوق الدنيا ، تجعلك تستلهم المراد و تسترد الحكمة و الحلم ، هذا الحلم النزاف اليوم بأطهر الدم و أطيب المداد . الشهيد المهندس الدكتور مروان جرادة و الشهيد باسل وفائي و الشهيد باسل ياسين و الشهيد يوسف هنداوي ، هم بعض شرفنا المنتفض و نهضتنا المؤملة


وراء الجامع وسط حلب القديمة و الجديدة ، كان يسمى ( الشرفية ) و كان من عوائله السباعي ، و من لا يعرف كبيرها الأديب العالمي ( فاضل السباعي ) و زقاق الزهراوي شمالي الجامع ؟ أو لم يقرأ ( ثم أثمر الحزن ) ؟ أو لم يستحم مع العصافير بماء البركة ؟؟ سأوثق مع سمر الفيصل أن السباعي ولد عام 1929 م وليس كما قال حسام الخطيب بأن ولادته كانت في 1920 م ! أيضا من هنا عائلة الكيالي و أديبها سامي الكيالي 1927 - 1972 م ( أبو الريحان هو الأديب الساخر حسيب كيالي الذي كان يوقع بهذا اللقب في مجلة النذير الإخوانية في الثمانينيات ) آل رحماني و مفاوضات التسوية السرية مابين التيار الإسلامي ممثلا بالشيخ عبد الله ناصح علوان و مابين الطليعة المقاتلة ممثلة بالمحامي حسني عابو في بيت الحاج عبد الرحمن الرحماني - أوائل تشرين الثاني 1979 م - و التي أفسدها عامدا رفعت الأسد


الأسواق المقببة و الحرائق المتعمدة تؤشر للتركة الثقيلة ، لكن التغيير قادم ، قائم ، قاهر ، قادر

الخميس، 3 يناير 2013

القاطرجي .. الكرم و الكرامة

على شاشة أورينت نيوز في جمعة ( خبز الدم ) 28 / 12 / 2012 م و كما جميع الجمع ، شاهدت الصورة الأخيرة لأحرار ( كرم القاطرجي ) وهم يهتفون بآلاف الحناجر : نحن هنا ، شدوا الهمة الهمة قوية

أروع مافي الثورة السورية اكتشاف الذات و الموقع و الفكرة العميقة ، أراها منة من المنان الرحمن و سنة إلهية لاريب فيها بعد جمود كل شيء و انطفاء كل شيء .. نعم ، المخاض عصيب و الولادة قيصرية ، لكن المولود ( وطن ) ! والله اشتقنا أن نكون مثل بني البشر


حدثني الإعلامي الأديب محمد هدى قاطرجي ، أن هذا الحي قبل قرن واحد كان كرما كبيرا يعج بأشجار الفستق و الزيتون و المشمش ، و أن حدوده الجنوبية هي حلب القديمة و جب القبة ، بينما يجاوره شمالا حي الشعار الأبي و شرقا التاتالر - التتريون بالتركية - أو حارة النصارى ، أي أنه الوسط الشرقي للمدينة و وسط عين الشمس . سكانه أتوا من الأحياء المتفرقة و الفقيرة و تغلب عليهم المسحة العشائرية ، لكنهم اليوم في مقدمة العظماء والأصفياء و الأغنياء ( الغنى غنى النفس ) صمدوا و صبروا و صرخوا و صخبوا ، ثاروا على استعمار المخابرات و النوم في جيوبهم ! في 7 و 8 / 8 / 2012 م خرجوا بمعاصمهم يردون على القصف ، و في 28 / 9 / 2012 م خرجوا تحت القصف و العنف ، وفي 28 / 11 / 2012 م خرجوا ليلا ليتضامنوا مع دير الزور و دير بعلبة . أربعون يوما والكهرباء مقطوعة ، لم يعد الأذان يسمع من جامع الباقر أو عباد بن بشر أو القاطرجي .. الشهيدتان في 20 / 9 / 2012 م لم أعرف لهما اسما ، لكني عرفت أسماء سعاد محمد و حمدان حمان و حسام عفر و حسين عبد الله و أحمد العبد الله و جهاد عرفة و خالد معصراني و مصطفى شمرحي و محمد بللو و بكري حمشو ، رحمهم الله رضي عنهم الله


القاطرجي - أمير القافلة أو القاطرة العثمانية - الأصل من حارة الباشا ، الحاج علي و عائلته كانوا أصحاب هذا الكرم .. سنة 1980 م استشهد منهم عبد الغني قاطرجي ( في الجلوم ) و محمد قاطرجي ( في تدمر ) و أبناء مصطفى قاطرجي و غيرهم


و ما بين التذكر و النسيان ، سلام لنجم بيروت الشيخ الداعية الشهم ( حسن قاطرجي ) و كل أهل الكرم والكرامة