الخميس، 16 مايو 2013

حبيبتي .. مدينة الباب

دعاني الصديق الأديب د . حسن العثمان للكتابة في مجموعته ( حبيبتي مدينة الباب ) .. لم يشعر أنه يتزلج على جرح قلبي ، و ذكرياتي ، و حقول الشوق

كانت تسمى تيماء و باب بزاعة - بزاعة بلدة شمالي شرقيها كما أن الباب شمال شرق حلب على بعد 30 كم - و منذ أول مظاهرة فيها بتاريخ 8 / 4 / 2011 م وهي في صدارة الحدث و في فضاءات البطولة ، شهداء و جرحى و أحرار مطاردين و براميل بارود ( كما في 3 / 9 / 2012 م ) رحلت عن سورية لكنها ظلت معي فوح عبير و نفحة فرح .. آه ما أحلى أيام الخالة حميدة - رحمها الله - من آل سلمو و شقيقتيها صبرية و بدرية صديقات والدتي المقربات ووالدتهن الطيبة السخية ، كن يسكن في زقاق ( الشيخ حمزة ) الذي يقرأ المستقبل و يكتب الرقى ! علامة حلب الشيخ عبد الوهاب سكر القادم من تلك البقعة الممتدة تاريخيا حتى العهد الآرامي و ربما الحثي ، آل البدر و آل منلا و آل الحسيني و آل الشهابي قناديل في سماء المعرفة و التميز


سكانها الآن 200 ألف بطل و مساحتها 200 هكتار من أخصب التراب المسقي بالدم الطاهر و من نهر الذهب الطهور ، أذكر تلك السنابل اللامعة بلمعان الشمس و العاشقة للحياة و الشمس .. كتب عنها ابن جبير و ياقوت حماة في معجمه الأشهر ، و كتب عنها التاريخ عندما افتتحها من عنوة الرومان الصحابي المجاهد حبيب بن مسلمة سنة 16 ه


جبل الشيخ عقيل و السيارات العتيقة المكتظة مابين طريق الباب و الشعار ، و الباب و تادف و منبج و الرقة ، و وجوه البشر الفياضة بالبشر و البسمات و الترحاب الكبير الكبير بكل ضيف حلبي .. الله الله يا أهل الباب
الباب ليست حرة
الباب هي الحرية

اسكود .. تل رفعت

السلام عليكم يا ( ناصر ) الطيب الأطوار ، صديق الطفولة وابن تل رفعت .. كان يسكن جوار جامع بلال في حي صلاح الدين ووالده كان سائق قطار ، اعتقلوا هذا الفتى الوديع و عمره 14 سنة و مكث في سجن تدمر 14 سنة ! كان أخي الشهيد فخر الدين يداعبه بقوله : طويل هبيل ، فيضحك و نضحك من أعماق قلوبنا

في حلب ينسبون كل قادم يقطنها إلى منطقته ، فهذا إدلبي أو بابي أو حياني أو عنداني أو تادفي أو درعوزي أو نيربي أو سرميني إلخ إلخ ، إلا الذين من ( تل رفعت ) أو ( أرفاد ) المدينة الصغيرة الواقعة على بعد 30 كم شمالي حلب و 10 كم شرقي اعزاز ، و المرتفعة عن سطح البحر 500 م ، فأي سر هذا ؟


مطلع القرن التاسع ق.م كانت عاصمة مملكة بيت أغوشي الآرامية الممتدة مابين طرابلس و حلب ، و هي عاصمة الملك السوري تيغلات بيلاصر ، و حضارتها المكتشفة تعود للعهد البرونزي القديم 3000 ق.م . حقولها الخضراء التي تنتج السنابل و الحمص و الزيتون و العنب ، تجعلك تهيم في سهولها و حلمها اللذيذ قبل أن تختبئ في ملاجئها من صواريخ : اسكود
مكثت أتأمل الدمار الواسع و صور الضحايا بعد سقوط صاروخ اسكود في 28 / 4 / 2013 م ، عشرات المدنيين يتضورون ألما و دما و كوابيس !! لعلها الغارة رقم 10 أو 20 أو 1000 فكل سورية تل رفعت ، و كل الدماء مسؤولية بشار الأسد و والده و أجدادهم بابك الخرمي و الأفشين خيزر و قرمط بن حمدان و عبد الله بن سبأ

في ( تل رفعت ) التي لا يزيد عدد سكانها عن 80 ألف نسمة حوالي 200 شهيد ، منهم الطفلة رهف ملدعون - 5 سنوات - التي قضت نحبها في 19 / 9 / 2012 م ، و منهم من آل الخطيب و الصباغ و كنجو و درباس و عثمان و بدران و سكران و حميدة و بلاو و مريميني و الأوس و كعكجي .. و هناك أيضا ثوار أبطال و ألوية لا يخافون الغول ولا تخرصات حسن نصر الله

بتاريخ 19 / 2 / 2013 م سقط أول صاروخ اسكود هنا قرب محطة القطارات التي افتتحت سنة 1909 م ، و بتاريخ 27 / 2 / 2013 م كان هناك رجل يلقي قصيدة وسط ركام المنازل المدمرة ، إنها الروح التي لن تنكسر


أخي ناصر .. حبيبتي تل رفعت و أهلها الأفذاذ وباصاتها الجميلة .. كل الشآم هي وجهكم و صوتكم

الاثنين، 29 أبريل 2013

ال 7 بحرات

كتبت سابقا في مجلة ( المجتمع ) الكويتية عن السبع بحرات الشام ، و بعد تفجير 8 / 4 في الساحة التي تأسست سنة 1925 م - كان اسمها الكابتن ديكار بانتري - أتناول ساحة السبع بحرات في حلب الشهباء ، التي باتت تضخ الدم من نوافيرها بدل الماء العذب الصافي
السبع بحرات ، صممتها السيدة المهندسة من آل الجابري أوائل الستينيات ، في عهد رئيس البلدية عبد الغني السعداوي ، فصارت سريعا من أشهر الميادين و الساحات


السبع بحرات ، تجمع بين عبق الماضي ( منطقة الدباغة القديمة شمال غرب القلعة ) و بين حداثة الحاضر المقبوض عليه ، حيث الصرافة و التجارة و مصالح الناس


السبع بحرات ، طلعة البنك و شارع السجن و إطلالة الأموي و خاصرة الخندق ، كم هزتني صغيرا مشاهد الأهالي ينتظرون دورهم في زيارة ذويهم السجناء و المحتجزين


السبع بحرات ، جامع الدباغة العالق بالذاكرة أو الرومي المبني قبل 7 قرون بالتمام و الكمال ، أو حمام السكر و جامع النبي شمعون في سويقة حاتم ، أو مسجد البكفالوني


السبع بحرات ، و أكبر حاجزدموي للوحدات الخاصة و علي حيدر أيام 1980 م ، كم و كم سقط من الشهداء هناك من آل كرزون و دبابو و العنداني و الإدلبي و غيرهم


السبع بحرات ، و حرائق الأسد الأزعر تلتهم مؤسسة التأمينات و المعاشات و الرقابة و التفتيش ، تلتهم مقر الكاتب بالعدل و النفوس .. ألسنة النيران و النيرون تلتهم شارع الفريق الشهيد عبد المنعم رياض 1919 - 1969 م
السبع بحرات ، و الشهداء بالعشرات منهم إبراهيم حموي و أيمن المنلا و باسل وفائي و باسل ياسين و صابر حميدة و صلاح البزيعي و عبد اللطيف الجمال و محمد ويسي و مصطفى سلوم و يوسف هنداوي ، رضوان الله عليهم

المارتيني .. و الميريديان

المحضر الممتد من الفيض و خط القطار شرقا و حتى الفرقان و طريق الجامعة غربا ، و من الإذاعة و الحريري جنوبا و حتى كلية الهندسة و نزلة أدونيس شمالا ، كأنه الهلال في انحنائه و بزوغه . عدة مناطق حديثة تتجاور و تتصافح ، المارتيني ، الميريديان ، الكواكبي ، الهجرة و الجوازات .. لكن أهالي المارتيني و الميريديان لن يهاجروا و لن يستخرجوا باسبورات
أيام في السبعينيات و أبي و أشقائي جلوس على تلك السفوح الصخرية قبالة مشفى حلب الخاص أو مشفى هنانو ، أشجار السرو تطاول نجوم السماء الصافية ، في مدينة يعمها السلام و يعمها التاريخ و تعمها قصائد أبي فراس : أراك عصي الدمع شيمتك الصبر / أما للهوى عليك نهي ولا أمر ؟؟


في 1980 م تخضبت هذي الهضاب بدماء الشهداء ، و أيضا افتتح د . نبيل مارتيني و زوجته مشفاهما هنا لمعالجة رمد العيون ! المارتيني نسبة لمرتين - سيدة التين - قرية غربي إدلب ، ولا صلة لها مع مارتين لوثر المصلح اللاهوتي ، لكن المارديني و الماردنلي و الماردل نزحوا من مدينة ماردين العربية التركية ، بينما عائلة المراديني و المرادني - كما أخبرني الصديق عادل مراديني - فهو اسم يعود لمهنة تصنيع المردن الذي يستخدم في مكائن النسيج القديمة . و هناك في حي الحمدانية فندق المارتيني كورال الذي افتتح في 22 / 1 / 2012 م ، و الذي نفذه المهندس مصطفى مارتيني


فندق الميريديان تمتلكه وزارة السياحة واستغرق تعميره 15 سنة ، افتتح في 1989 م و أدارته على مدى عقدين شركة الشام للفنادق التي أدارت أيضا حمام يلبغا الناصري - أمام القلعة - و هي للملياردير الدمشقي الأعزب عثمان العائدي ، وقد أطلقت على الميريديان اسم ( شهباء الشام ) إنما بقي الحي محبا لحبيبه الأول ، مثلما بقيت أنا محبا لجامع السلام الصغير - أول طلعة الهندسة - المجاور لبيت صديقي الشهيد مهند وفائي ( يقع تحت إحدى العمارات و كان يخطب فيه الشهيد موفق سيرجية و أحيانا الشهيد د . عماد حبيب و معظم الوقت الأستاذ البحاثة الشيخ مجد مكي )


من الميريديان في 3 / 6 / 2011 م انطلق أحرارها بمظاهرة صاخبة انتصارا لثورة حوران ، وأيضا في 23 / 6 و في 5 / 8 من جامع الأنوار ، و حتى 27 / 3 / 2013 م حين هب جامع الدرويش عن بكرة أبيه - أنشأته المحسنة العربية شيخة بنت جاسم الدرويش وافتتح في 1432 ه - و مرورا بمظاهرة الهندسة في 16 / 2 / 2012 و عشرات المظاهرات الهاتفة : على الجنة رايحين شهداء بالملايين .. شهداء لم يخافوا القنص و السواطير ، معاذ لبابيدي و علاء الأحمد و باسم مارتيني و غيره و غيره ! في صباح 26 / 8 / 2012 م أمطر الأسد حي الميريديان 40 قذيفة مدفعية


بتاريخ 5 / 8 و 14 / 8 / 2012 م كانت الدبابات تدعس سيارات المارتيني ، إنه الرد التقليدي على الأحرار منذ مظاهرة 21 / 11 / 2011 .. كما أن منع الأذان من جامع العشرة المبشرين هو الرد على مظاهرة 7 / 7 / 2012 م ، في 3 / 5 و 14 / 7 و 22 / 7 قبيل الإفطار ومظاهرات شارع القصور و مظاهرات الكواكبي ، هي كلها انتفاضة الحق على الباطل و الخير على الشر و الصلاح على الفساد و الحسين على يزيد !! ثانوية رجب قرمو للبنات لا تستحق اسم الموجه الشهير بالأذى و التقارير، والذي اغتاله ثوار الثمانين .. كما أن سورية لا تستحق اسم الأسد إلى يوم يبعثون

كرم الطراب

على أوتستراد مطار حلب الدولي مابين كرمي الميسر و الجزماتي ، يقع ( كرم الطراب ) الحي الفقير في المال و الغني في النفس ، والذي كان من مزارع الفستق و المشمش و الجوز و اللوز لخصوبة أرضه و وفرة مياهه . وصفته جريدة الجماهير في 14 / 1 / 2009 م بتجمع العصر الحجري ، و وصفه أحد الناشطين عندما شاهد مدى الدم و الدمار فيه أنه يماثل خراب برلين سنة 1945 م .. و بالنسبة لي أصبت بالشقيقة و أنا أراجع ما أتيح لي من معلومات عن الطراب

أتذكر جيدا ( أحمد الطراب ) قريب جدتي ، كان سائقا في فرع أمن الدولة 322 أعطاه معلمه العقيد علي سعد الدين مهلة 48 ساعة للقبض على أخي فخر الدين - رحمه الله - و إذا لم يستطع تنفيذ المهمة فليأت بكفنه و ينزل للقبو ، لأنه سيشنقه بيديه !!!! مضت من المهلة 24 ساعة و ذهب الرجل لتوديع زوجته و أولاده ، و إذ بالعقيد سعد الدين مدعوسا مع مرافقيه بشاحنة نفط قرب القطيفة أواخر سنة 1979 م
عشوائيات و أحوال مدقعة في الكرم ، معامل صفائح التنك و الأصبغة الكيماوية تلوث الدنيا ، و على عكسها مظاهر البذخ المخلوفي التي تزكم الأنوف . مدرسة كرم القصر الوحيدة و المجاورة مسبقة الصنع و مسبقة التخلف و البؤس ، لاشيء هنا يوحي بالنبض سوى جامع كرم الطراب شبه المهدم الذي تنادي حجارته أمة محمد و أمة الإنسانية : واإسلاماااااااااااه


الطفلة الشهيدة سلوى طعمة - 4 سنوات - ستسأل يوم القيامة : بأي ذنب قتلت ؟؟ الشهيدة سوسن نايف ، الشهيد صبحي علاف ، الشهيد هيثم مؤذن ، الشهيد عادل مصري ، الشهيد يوسف البكري ، الشهيد مدين الطجمة .. القصف الوحشي في 20 / 8 / 2012 م ليس على تل أبيب ، بل على هذا الحي المتواضع الذي أطلق على اسم أحد مساجده ( المغفرة ) لأنه لم يعرف سوى المغفرة ، حتى لمن مكث عشرات السنين يمص دمه و عرقه 


الراجمات التي تقصفه بكل الحقد الدفين و الشر الشيطاني في 31 / 12 / 2012 م أرادت أن تحتفل برأس السنة على طريقتها ، و المجزرة المروعة في 13 / 2 / 2013 م غيض من فيض نظام اللعنة و الفجور .. كرم الطراب سيبقى طرابا في أناشيد الشموخ و البطولة و لن يعود ترابا مهما فعلوا

الثلاثاء، 19 مارس 2013

بستان الزهرة

كأنه من حسنه زهرة .. كأنها من حسنها بستان
في الطريق إلى وسط المدينة ، و بعد الملعب البلدي بجانب محطة المحروقات ، يقع موقف باص ( بستان الزهرة ) الحي الذي أنشئ على مساحة من الروابي و الحقول المنتشرة على ضفتي النهر ، جنوب الفيض و شمال بستان القصر ، غربي المشارقة و شرقي الأنصاري ، أواسط الخمسينيات الميلادية


بستان الزهرة ، متنزه أبي فراس الحمداني و أحلى متنزهات حلب القديمة التي عاث فيها ( نقفور ) فسادا سنة 962 م ، مررت منه و حواليه مئات المرات ، و أعجبت باسمه الأنيق الناعم و تمازجه العمراني ما بين أبنية سكانية و محلات تجارية و خصال تقطن مع شقائق النعمان ، أعظم هذه الخصال ( الحرية ) التي راح الزهراويون يبحثون عنها و يستشرفون حضورها ، أسوة بكل سورية و السوريين
زهرة الحرية تفتحت هنا بمظاهرة الأحرار في 2 / 12 / 2011 م ، و في جمعة المنطقة العازلة 20 / 12 / 2011 م ، و في الإضراب الشامل التام يوم السبت 2 / 6 / 2012 م . حرائر الحي شاركن في مظاهرة 17 / 7 / 2012 م لله درهن ، و تجليات التمرد على الظلم و المظالم تترى .. يقولون يا ظالم لك يوم


هو من الأحياء التي تحب العيش و تحب الكرامة ، مدرسة خديجة الكبرى للبنات تميزت بصفحتها على الفيس بوك ، و أرتال الشهداء مهرما أعظمه من مهر . العشرات قضوا هنا قصفا و قنصا منهم الطفل ذو السبع سنوات عند جامع حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - في 3 / 10 / 2012 م ، و الشهيدة ثناء العمر ذات العشرين ربيعا التي أصابوها في 23 / 2 / 2012 م فبادر 4 من الثوار المسلحين شهامة و فدائية لإنقاذها ، فاستشهدوا جميعا !!!! الشهداء أحمد ركبي و أمير شاهين و عمر الشريف و محمد عربية و محمد نديم صافي ، هم بعض أهلنا و بعض دمنا المقدس المهراق .. الراجمات و الطائرات الإبليسية البهلوانية تصب نارها و عارها على أنحاء بستان الزهرة في 26 / 8 / 2012 م ، كراج الحجز نقطة تماس مؤقتة مابين الثوار و أوباش الأسد ، مابين بستان الزهرة و المنشية الجديدة


كل ما تفعله ( لن ) يكسر الروح يا بشار العار ، نحن نحب الحياة أكثر مما تحب الموت ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر

العبارة .. في حلب

حي ( ا ل ع ب ا ر ة ) رمز لوداعة حلب و لحبرها الجوري الذي لا ينفد ، هو يتوسط كل المدينة وسطية و صندوق عجائب و ذكريات .. تجاري سكني سياحي سياسي ، يمثل نبض الحياة و حيويتها . منه تعبر لأنحاء الشهباء في اتجاهاتها الأربعة : العزيزية و قويق شمالا ، و بستان الكلاب و الكتاب جنوبا ، و المنشية و التلل شرقا ، و شارع بارون و ساحة سعد الله الجابري غربا . ضريح الفيلسوف السهروردي من ناحية ، و سينما أوغاريت من ناحية !! مبنى الأوقاف و مقر حزب البعث و من تحته محل الشهيدين الشريكين الرائعين ، عبد العليم صباغ و د . نذير زرنجي ، لبيع الألبان و أجبان الحلوم 

جامع العبارة بمنارته المربعة الأنيقة ، صممه المهندس مصطفى اليازجي و افتتح سنة 1965 م ، مؤذنه الأول فنان الإنشاد صبري مدلل - كان إمامه جارنا في سيف الدولة من فلسطين شديد السمار ، توفي كهلا و شاهدت جنازته و بقيت بعدها سنوات أتوهمها ليلا ، رحمه الله - و على بعد خطوات الكنيسة العتيقة الرابضة بتخومه تسمع أجراسها ممتزجة بنسيج التسامح و الإلفة العميقة ، و على زاويتها وكيل ( أكاي ) الذي اشتريت منه نسخ الكاسيت لتسجيل أشرطة أبي الجود ، مرات كثيرة . و على امتداد جادة الخندق محلات السمان و الصباغ ، و أروع مذاق للشيكولاتة و جوز الهند


كل شيء يوحي بالعبور و التنوع و التألق ، لكن الفراق ضيف اللقاء ، فالعبارة صغيرة و هادئة و شاهدة عيان ، عماراتها الوقفية مثار التباس و ارتياب مالي منذ إدارة د . صهيب الشامي ، و بعض مصالحها الصناعية صودرت بحجة أن أصحابها من ( عصابة ) الإخوان المسلمين !! مكتب جبهة التحرير الأرترية أغلق أبوابه و فرع البعث - القائد للدولة و المجتمع - ذهب لمنطقة أخرى و لم يعد ، و جريدة الجماهير بلا جماهير 


القنص و القصف و القتل المجاني و الدماء التي تسقي أرصفتها و أشجارها ، ديدن يوميات العبارة .. و حتى يحصل العبور و التغيير

الاثنين، 4 مارس 2013

الشيخ خضر .. لا يكذب أهله

شاهدت عشرات المقامات للخضر - عليه السلام - في أماكن كثيرة ، بعض الصوفية يعتقدون بخلوده .. حي الشيخ خضر في حلب خالد بشهدائه ، خالد ببطولاته و شهرة شيخه القرآني التي لا تضاهى

في 10 / 12 / 2011 م قامت أسماء الأسد الأخرس بزيارة لنادي التميز - مدرسة مجدل شمس - و قدمت الوعود المعسولة للأهالي هنا بالمستوصف المنشود ، بتزفيت الشوارع الفرعية ، بإصلاح محولات الكهرباء ، بتشغيل الشباب العاطل عن العمل إلخ إلخ .. أكثر من 50 مدخنة لمعامل السباكة تنشر السموم في أنحاء الحي الشعبي الشهم ، الذي يطلقون عليه ( حارة التنك ) ربما استخفافا بنظام النظافة و تنظيم المهملات ، و الذي جعل منه متميزا متحضرا متمردا على أكاذيب الأسد الأخرس


لم تف أسماء بوعودها بل قام زوجها في 5 / 8 / 2012 م بقصف مدرسة النازحين ، مما أسفر عن استشهاد 4 سيدات و إصابة العشرات .. شهداء كثر صغار و كبار و عجائز قتلهم السفاح الإسخريوطي ، منهم الطفلة ديانا حمدون - 10 سنوات - و السيدة صبوح عزيزي و العم محمد الحسين - 84 سنة - و الشباب أحمد ديبو و أحمد حمادة و مراد زيدان و مجد تلجيني و مالك السيد و خالد عثمان و خليل أرنب و عمر دحدوح و ناصر خلوف


أحد الأطفال أصيب عمدا برصاص قناص يوم 28 / 2 / 2013 م ، و جامع ( عبد الله بن عمر ) كان شاهدا و نذيرا و سراجا منيرا بمظاهراته الرافضة للرافضة و للأمر الواقع الذي يريدون !! سليمان الحلبي البطل جاره القبلي و قبلته ، و حي الصاخور شرقه المشرق و بستان الباشا غروبه الذي لا يغرب .. الشيخ فارس الولي الوفي العارف و عين التل جيران الشمال و الشمائل ، و هو الرائد الذي لا يكذب أهله


الإمام الخضر كان البصر و البصيرة و الغيب و الخير ، قال له موسى : هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ؟ قال إنك لن تستطيع معي صبرا و كيف تصبر على مالم تحط به خبرا ؟؟


الخبر اليوم نصر مؤزر لثورة الخير و الحق و الحرية ، رغم كل الدم و الدمار و الأسى و الأذى

الأرض الحمراء

أكتب كلماتي من القاهرة ، قرب بيت الشاعر أحمد شوقي ، قرب من كتب للشآم سنة 1925 م : سلام من صبا بردى أرق .... و دمع لا يكفكف يا دمشق / و للحرية الحمراء باب .... بكل يد مضرجة يدق

الأرض الحمراء في حلب على طريق الباب ( باب بزاعة أسطورة الريف و أسوارته ، دخلها المسلمون سنة 16 ه بقيادة حبيب بن مسلمة ) هي عين المدينة الشرقية ، حاجبها الأعلى جبل بدرو - بدر الشهداء - و رمشها السفلي كرم الميسر ، و طريقها باب الحرية الحمراء . سواقي الدماء تنتشر في روابيها الباكية على أطفالها و أبريائها و أحبابها ، في 22 / 2 / 2013 م كان موعدها الأدمى مع صاروخ المجزرة !! ههههههههه يظن نفسه انتصر على شعبه ، هذا الجاهل الجهول ويله من غضبة شعبه و يله من غضبة الحق و أنياب الحرية

عذرا لكم ، أتمعن في أسماء الشهداء الأطفال فيغلبني دمعي ، لم أستطع تدوين أسمائهم الغالية أو تصور أجسادهم الغضة الممزقة وهم ينتشلون من تحت الأنقاض ، أنقاض الإنسانية المهترئة التي تترك وحشا سفاحا هكذا دون أن تلجمه .. أطفال لا ذنب لهم بشيء و لا دور لهم بشيء ، تركوا ألعابهم وراءهم و تركوا لهذا العالم القذر حقائبهم المدرسية الحزينة و دفاترهم الممزقة ، و ذكريات أرض الدم الجوري الأحمر، التي كانت قبل نصف قرن أرض الفستق الحلبي الأخضر
حسبي الله و نعم الوكيل
حسبي الله و نعم الوكيل

ملحوظة للسفاح : في مصر الكنانة التقيت بالعديد من ألوان الطيف السياسي ، كلهم - رغم تناقضاتهم - يتفقون على كراهيتك يتفقون على تأييد ثورة الشعب السوري العظيم

الاثنين، 25 فبراير 2013

التلة السوداء .. و الأسد

بعد زلزال كلية المدفعية 16 / 6 / 1979 م بجمعتين ، صليت و أخي فخر الدين في جامع المصلى ، المطل على ساحة الأحرار شمالا و ( التلة السوداء ) شرقا ، خطيبه الشيخ الشهيد حسن الحاج إبراهيم لم يعلم بالمنشور الملصق على جدار المدخل . وقفنا نقرأه قبل أن يقتحم رجل طويل عريض مفتول العضلات و الشاربين ، فيوبخنا و يمزق البيان الموقع باسم ( كتيبة الشهيد مروان حديد ) قيل وقتها إنه قصاب التلة السوداء !! في أثناء تشييع الشهيد الشاب أحمد وضاح ستر 20 / 6 / 2012 م ، اعتدى شبيحة بيع السمك على المتظاهرين بالسواطير و البلطات ، بعد ذلك استشهد محمد أحمد طاج و رضوان البيك و رضوان نحيلي و عمر الشريف و محمد أمين جبلقي و غيرهم من المدنيين

 سنة الثمانين استشهد هنا أيضا الأستاذ عدنان شيخوني - أحد أبطال الهروب من سجن كفر سوسة في 21 / 5 / 1980 م - و الشهيد الرقيب أول عقيل شحود - بطل حلب في المصارعة الرومانية - و الشهيد حسن أبيض و سيدة كردية أصيبت برصاص الأسد الأب الطائش ، و في طلعة جامع حسان قبيل دوار القمر و حارة الحنفية كانت المظاهرة السلمية تهتف بالتكبير ، و كان المختار عمر جاموس يكتب أسماء المشاركين فيها .. حدثني بهذا ابن خالتي محمود أمينو ، رحمه الله

 هذه المنطقة أقدم احياء حلب خارج السور ، غربي باب قنسرين و جنوبي الكلاسة و شرقي بستان القصر ، وهي من اشهر المرتفعات القليلة في المدينة - ركام أثري يتميز بحجارته السوداء - و رغم أنها وقف للجامع الكبير و موئل لآلاف الفقراء و الضعفاء ، فقد صدر في 2002 م قرار استملاك و هدم لها ، حتى يزيد رصيد رامي مخلوف - القارون - و مدير أعماله بشار حافظ الأسد .. هذا الأخير مدفعيته الآن تدك التلة السوداء دكا

الأربعاء، 20 فبراير 2013

جبل بدرو .. جبل البدر

لا شكر لكم أيها الروس ، و صواريخ اسكود تقتل أهلنا و تدمر دورنا .. لا شكر لكم أيها الفرس و حرسكم من طهران إلى الضاحية ، أجلب علينا بخيله و رجله و قضه و قضيضه لقمع ثورة شعبنا السوري العظيم ، التي لن تقمع

كلكم شركاء السفاح و دهاة الجريمة ، لن يكون لكم سلطان على الشعب السوري بعد اليوم ، يا عار الإنسانية و عورة الحضارة !! الدمار الذي حدث في حي شعبي ( جبل بدرو ) يوم 19 / 2 / 2013 م لا نظير له ، صاروخ أرض أرض يدفن الأطفال و الأبرياء تحت الأرض ، اشتراه شعبنا ذودا عن وطنه و إذ بالسرطان الداخلي أشرس و أفجر مما نحسب ، نهم لشرب الدم دم الصغار خصوصا ، فهو لا يطيق شغبهم ولا بسمتهم و لا براءة عيونهم و لا طهارة وجوههم . هنا حوامل قضين مع أجنتهن إلى علياء السماء ، يا رب يا رب أليس لهذا الليل من آخر ؟؟ عشرات النساء و الأطفال و الشيوخ و الرضع و الرتع قضوا نحبهم تحت أنقاض بيوتهم ، آل عابو - رحم الله حسني عابو - و آل الصغير وآل مرندي و آل حلي و آل جباري ، و آل الحي الذي ما زال يتنفس صهيل الحرية .. جبل البدر الباكي و عزيمة الحديد والتهاب الرماد المعجون بالدم البشري الحار

سؤال لبرنامج من سيربح المليون : ما هي الجريمة التي لم يفعلها أسد الدم ؟

حي جبل بدرو ، جنوب مساكن هنانو و شمال طريق الباب و شرقي الشعار و الصاخور ، تشرق شمس السماء على حلب من خلاله ، فهو بوابة المدينة بوابة الشهادة .. روحي فداؤك يا شهباء

الأحد، 17 فبراير 2013

البيك .. بيك

لقب عثماني لكبار الموظفين ، وسط مابين الباشا رفعة و الأفندي - السيد - نزولا ، و الآن تتلاشى ألقاب الفخامة و المعالي و العطوفة و السيادة و السعادة و السماحة و الآغوية و الجناب إلخ .. كان أول من وضع كلمة ( البيك ) طغرل بك السلجوقي عام 450 ه ، وأذكر أن صديق الطفولة أحمد البيك كان متفوقا على المدرسة ، و تعرض بسبب ذلك للكيد من الكسالى و الحاسدين . و في الحرمين الشريفين اشتهرت مطاعم البيك بتميزها و نجاحها ، أتمنى أن تصل لمنافسة كنتاكي يوما ما

حي البيك أو كرم البيك أو محمد بيك يقع في الشرق الجنوبي لمدينة حلب ، جنوب الشعار و القاطرجي و شمال المرجة و الصالحين ، من أحياء الفستق الحلبي و العمارة المتنامية أفقيا و المتوجة نخوة و حقانية . في 24 / 12 / 2011 م خرج أحرار البيك نصرة لبابا عمرو ، و قبلها خرجوا إحياء لحماة المفداة 1982 م .. مظاهراتهم الحاشدة في 26 / 3 / 2012 م حديث البلد ، و إضراب 17 / 6 / 2012 م كانت نسبته 100% فالبيك لا يحب الأسد ! الطائرات التي تقتل و الراجمات التي تدمر - منها قصف أنبوب المياه في 29 / 11 / 2012 م - يشاهدها كل السكان و كل العالم إلا ( الفهمان ) شادي حلوة ، أحد الأطفال هنا يقول للكاميرا في 5 / 11 / 2012 م : بشار هو الذي يقتلنا


الأرض الطينية الطيبة تضمخت باحمرار الشهادة : أحمد عساف ، أمين عساف ، محمد عساف ، محمد دعبول ، محمد عجان الحديد - الذي سلخوا جلده من التعذيب الوحشي - و محمود داريس ، و غيره و غيره من الأحبة الخالدين .. و ما يزال هذا الحي أنموذجا في النظافة و التكافل و الثبات ، إنه البيك يا شباب

الخميس، 14 فبراير 2013

قلعة حلب

قلعة بلا بداية ، رفع قواعدها الإسكندر المقدوني - 356 / 323 ق.م - ووجدت فيها مقتنيات تعود للألف العاشرة ق.م ، تعاقب عليها الأكاديون و الحثيون و الآراميون والبابليون و الآشوريون و السلوقيون و الرومان و البيزنطيون و الفرس و العرب و الترك . الرومان حكموها 700 سنة و العرب 500 و العثمانيون 400 ، العثمانيون سيطروا عليها من المماليك سنة 1516 م . استعصت على كسرى الأول 540 م و على نقفور الروم 962 م ، لكن ريموش دمرها منتصف القرن 3 ق.م ، و هولاكو سنة 1260 م و تيمورلنك سنة 1400 م و الزلزال الكبير في 1822 م

شكلها الهندسي بيضوي بطول 550 م و عرض 350 م ، ترتفع عن سطح البحر 70 م و يحيطها خندق عرضه 30 م و عمقه 22 م ليمنع الوصول لأسوارها الشامخة ، خندق الماء هذا لم يمنع خالد بن الوليد من تجاوزه سنة 636 م !! هي القلعة التي أحبها أرسطو و أبهرت ابن جبير و أدهشت ابن بطوطة و لفتت ياقوت و اعتبرها البيروني من عجائب الدنيا ، ثم عشقها و جاورها المتنبي - داره حاليا المدرسة البهائية - و تفاءل بها ابن الزكي فقال مهنئا صلاح الدين البطل : وفتحك القلعة الشهباء في صفر / مبشر بفتوح القدس في رجب
هل عرفتم لماذا تدعم إسرائيل سرا نظام الأسد ؟؟


دخلت القلعة 3 مرات ، مع مدرستي الأندلس و توفيق علبي ، ومع أختي وفاء صيف 1978 م ، و أوائل شباط فبراير 1980 م كدت أقتل بإطلاق الرصاص على المدنيين من الوحدات الخاصة المحتلة لها .. هي تسلبك حاضرك و تنطقك قلبيا أحجارها الموغلة في أعماق التاريخ فتصمت و تتأمل ، يا الله ما أروع الخلود و الأسطورة و المدى ، شكرا لك أبي الحبيب لأنك سكبت في روعي محبة الآثار


من البوابة العظيمة إلى مقام الخضر و مجلس مار جرجس و حبس الدم و قاعة العرش و جامع إبراهيم الخليل - عليه السلام - حيث كان يحلب بقرته ( الجنرال الفرنسي ريغان سرق محرابه ، فأنشأ الشيخ كامل الغزي جمعية العاديات سنة 1925 م لحماية التراث ) و كذلك الجامع الذي بناه مع 26 قصرا و حماما و قسطلا الملك الظاهر غازي في 1210 م ، كنت أراه من الخارج بمئذنته المربعة كالراية التي لا تتزعزع .. كل معالم القلعة تعكس الإعجاز الإنساني في العمارة العسكرية ! إنها مركز حلب و مركز الحمدانيين و مركز إبراهيم باشا و مدافع الأعياد ، جبل وسط السهول حاولت صعوده مع أولاد عمي فلم أفلح . سمعت من الأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله قوله : لقد زرت ثلث الكرة الأرضية ، لم أجد أجمل ولا أكمل ولا أوسع من قلعة حلب .. اليوم هي محاصرة من الثوار المسلحين ، العجيب أن المحاصرين فيها منذ 3 أشهر يفضلون صيد الحمام و أكله ، على أن يتحرروا من معسكر الأسد الولد !!!! لقد تورطوا بقنص المئات من الحلبيين الأبرياء


السبت، 9 فبراير 2013

النزهة .. لا تبتسم

على الأطراف الجنوبية لمدينة حلب ، شرقي الدعدع و الشيخ سعيد جنوبي الصالحين ، يقع كرم النزهة أو حارة الشحاذين - شبهته صحيفة تحت المجهر الإلكترونية في 1 / 7 / 2011 م بالقبر - لا شوارع معبدة ولا منارة ، ولا مدرسة ، ولا مستوصف ، ولا مختارية ، ولا ما يحزنون ! شاهدت بعدسة عطا حمود 53 صورة لهذا الحي فشابت 53 شعرة إضافية في رأسي - 150 حالة لاشمانيا جديدة كل شهر - كأن اسمه من الأضداد .. أطفال كالورود يلعبون مابين الأوساخ و القمامات ، باتوا مؤخرا يمارسون لعبة الوقوف على الأطلال ، فالمدافع الملعونة قتلت بيوتهم القرميدية و قتلت أحلامهم الضعيفة و قتلت أمهاتهم ، الشهيدة الحامل أمل نونو - 18 سنة - و الشهيدة منى قريجي التي قنصها السفاح على طريق الراموسة ، و الشهيد الطفل عبدو بنان - 13 سنة - و الشهيد فاضل عنجريني و الشهيد يحيى الحسين إلخ إلخ .. قرابة 35 ألف نسمة ما وجدوا من يبتسم لهم ، من ينعش فيهم قلب الصمت و الإهمال سوى أسلحة و نيران بشار الأسد وابن خاله الملياردير

السيدة أم جعفر - أول مقاتلة في الجيش الحر - نزحت مع أمها من حي صلاح الدين إلى مسجد حي النزهة ، تعرض المسجد لقصف الطائرات و شاهدت تبعثر المصاحف و زلزلة المنبر ، أقسمت أن تحمل السلاح و أن تتحدى


قصة حي النزهة 20 سنة بؤس و قهر و فقر مدقع و وجوه مرصودة للقبور واللحود ، أتمنى و أحلم لو أتناول رغيف ( زيت و زعتر ) في أحد البيوتات هنا ، أتمنى و أحلم لو أقبل رؤوس الأحرار هنا بطلا بطلا


في حمص الأبية العدية اختار أهالي ( حي النزهة ) وصفة الحمقى و المغفلين ، قلبوا لأشقائهم في الأحياء الثائرة ظهر المجن و ارتدوا ثوب النمر .. لماذا ؟ لماذا ؟؟ لماذا ؟؟؟ أليس فيهم رشيد ينظر أبعد من أنفه ؟؟؟؟

الأربعاء، 6 فبراير 2013

صهوة عواد

ضهرة عواد و جورة عواد يتجاوران مكانا و مكارما ، حي الضهرة يرتفع عن الأرض و الجورة تنخفض ، كلاهما مثل صهوة الفرس القائم أو القاعد !! من أحياء الشرق الجنوبي لمدينة حلب ، غربي كرم الميسر و الحلوانية و شرقي القاطرجي . لم تتوانى مظاهرات العواد ولم تتبدل ، بل أضيفت لها انتقادات لبعض من يزعمون وصلا بالثورة و يحملون بندقيتها ولا يتمثلون أخلاقها .. الشهداء الأطفال هنا أكثر من البالغين ، العصفورة ( رغداء الأحمد ) ذات السنة الواحدة وجدوها مقطوعة الرأس في قصف 27 / 1 / 2013 م
لمثل هذا يذوب القلب من كمد / إن كان في القلب إسلام و إيمان


روج أبو الشيخ - سنتان ، هيام حمود - 10 سنوات ، محمد الأحمد - 12 سنة ، محمد حميدي - 13 سنة ، وائل حميدي ، حمود الأحمد و أسماء سورية لا حصر لها ، كلهم عالجنة رايحين شهداء بالملايين . شدة القصف على المدنيين في هذه المنطقة ، من دبابات و مدرعات و مدفعية و طائرات و مروحيات ، لم تجعل حمزة بن عبد المطلب يستسلم رغم كبده المأكولة ، و ها هو مسجده يرسل للعالمين الرسالة تلو الرسالة : نموت أو ننتصر


الجدران المثقوبة بالقذائف و اللهب الذي يتراقص كرؤوس الشياطين و يوميات الدم و الدمار ، هي حالة التوأمين عواد في ارتفاعهما وانخفاضهما ، شطآن تركض فوق الروح بأمواجها الهوجاء ، كلها تتكسر على عتبات لحظة الوعي الشمولية


عفوك شعب سورية العظيم ، ستنتصر إرادتك ، ستتحقق حريتك

الاثنين، 4 فبراير 2013

جب القبة

البئر حكايات بلا قرار ، من يوسف الصديق الأثير لأبيه ، من خبر المومس التي سقت الكلب فغفر الله لها .. بئر زمزم المعجزة المستدامة ، بئر الخاتم قرب مسجد قباء و بئر عثمان في العقيق اللذان أخذني إليهما الصديق البحاثة د . عمار منلا في المدينة النبوية . و هنا ( جب القبة ) أو حي ابن نصير بن داغر العنيد - هو غير ابن نصير النميري مبتدئ الملة النصيرية الميت في 270 ه - موقعه شرقي قلعة حلب ، يبعد عنها سيرا على الأرجل 5 دقائق و يبعد عن باب الحديد جنوبا 10 دقائق .. كان يوما ما مركز مدينة حلب ، وهو الحي الذي يستظرفه غير الحلبيين ليداعبونا بلهجتنا ، نحن ننطق جب القبة كما ينطقها صباح فخري ! الكثير من الخانات والفنادق العتيقة و محال الألبان والأجبان و أطلال سوق الإبل ، منحته الأهمية التراثية و التاريخية فدخل ضمن مشاريع التحديث لمؤسسة آغا خان ، إنه ملتقى العديد من الأحياء الفرعية داخل وخارج السور ، من عوائله آل فرواتي وجبارة و جبقجي وقولي وعيسى باشا
في 19 / 9 / 1980 م ذهبت وأمي للطبابة الشرعية هناك ، لنختم جواز الحج على وعد بالعودة العاجلة ، و إذ بها 33 سنة منفى !! 


مسجد ابن نصير التائب وسبيل الجب والقبة التي تعلوه ، روح حياة و إحياء .. يوم إضراب الكرامة 2 / 6 / 2012 م أقفلت الأماكن وأغلقت الدنيا ، فلا تكاد تسمع إلا همسا ، الهمس هو : كلنا سورية

القصف الشرس قرب مشفى هلال في 9 / 1 / 2013 م أوقع عشرات الجرحى .. الشهداء أحمد نيرباني - 13 سنة - وحسين خصيم - 12 سنة - وعزالدين هاشم ومحمود خياطة وهيثم حايك وهيثم صديق و هيثم النونو وهيثم الحرية و و ، هم بعض المهر
يقول مراسل حلب نيوز في 27 / 1 / 2013 م أن الخبز منقطع تماما من هنا مثل الكهرباء مثل المحروقات .. أي عار أعظم من هذا يا حضارة القرن 21 ؟

قويق .. نهر الدم


اقترح الصديق الشيخ محمد عبد الله نجيب سالم ، أن أكتب عن ( نهر قويق ) عقب مجزرة 29 / 1 / 2013 م التي تحمل رقم 113 من مجازر حلب .. صارت حلب الشهداء بدل الشهباء ، و بشار الذي تمنطق قبل يومين أنه و أسماء ينتظران حدثا سعيدا - و قبل أسبوعين بث صوره وهو يعبث بالثلج - شخص عديم الحياء ، أراد أن يختم في نهر الدم قصة حكم
كان جسر السنديانة طريقي من سيف الدولة عبر الزبدية إلى بيوت عماتي و عمتي حميدة في بستان القصر وإلى بيوت أخوالي و خالاتي في الكلاسة ، و منذ أيام رأيت في المنام منطقة المجزرة وقد ازدادت خضرة و نضارة وأقيمت فيها ناعورة مائية تسقي الحياة بماء الزهر ! وهل ثمة زهر أكثر ازدهارا من مسك الشهادة ؟؟


في 5 / 5 / 1979 م كنت ورفاقي في الطريق من حديقة الشهباء لمسبح أبي القاسم ، صعدنا جسرا فوق قويق لم يكتمل ، قفز الجميع قبلي و لما هممت سقطت على حافة النهر مكسور الرجل والخاطر - مثل سورية و دول الربيع العربي - وصل أخي فخر الدين و حملني لمشفى الرازي


قويق جزء من صميمنا ذكره المؤرخون و الأدباء و الرحالة و العشاق ، ذكره المتنبي و البحتري وابن القيسراني . قال عنه المعري : فقويق في أعين الناس بحر .... و حصاة منه نظير ثبير ! و قال عنه الصنوبري : قويق إذا شم ريح الشتاء .... أظهر تيها و كبرا عجيبا / وناسب دجلة و النيل و الفرات .... بهاء و حسنا و طيبا


أقصوصة أبي عن صديقه البستاني الحاج يوسف خطاب الذي غرقت أبقاره في فيض قويق ، كانت تثري خيالي الصغير . أما المماليك الشراكسة وقت جروا للنهر قناة من الساجور ، فقد خلد عملهم الشاعر القاضي شرف الدين الحسيني : لما أتى نهر الساجور قلت له .... ماذا التأخر من حين إلى حين ؟ / فقال أخرني ربي ليجعلني من .... بعض معروف سيف الدين بن أرغون !! المفكر الكواكبي اقترح إعادة جر المياه له نهاية القرن 19 م ، وسنة 2010 م وافقت تركيا على تغذيته من الفرات بمعدل 5 متر مكعب في الثانية و بتكلفة 1050 مليون ليرة ، ليعود ثانية و ينتعش قلبه بعد 60 سنة من توقفه القسري


بالتركية ( قواق هي الحور ) الشجر المنتشر بكثابة في منبع النهر بمدينة غازي عنتاب ، كان يسمى بنهر الذهب و النهر القوي و خاليس و بوداموس ، وبعد مسار 120 كم من مصدره قتلوا على شطه خيرة أبناء حلب ، من آل آغا و بدوي و جمال و جليلاتي وخشان و ريحاوي و داية و واعظ و كوسا و رمضان و قطان وغيرهم و غيرهم ، 85 شابا كالورد الجوري المتفتح .. قتلك الله أسد الجريمة

الأربعاء، 30 يناير 2013

عين التل

أرى ( عين التل ) عصية الدمع ، تجلد من الوحش الوطني - بعون راسبوتين و أبي لؤلؤة - قتتجلد و تنادي : أحد أحد
سنة 1914 م جفت مياه القناة الواصلة من قرية حيلان شرقي حلب - كان الخليفة عبد الملك وسعها و الملك الظاهر صلحها - أخذ الناس يشربون من نبع عين التل العذبة ينقلها السقائون ، و وقت فيضان قويق 1922 م نفذت شركة فرنسية تمديدات من العين إلى قساطل المياه و ركبت حنفيات عامة في الأحياء . سنة 1950 م توقف قويق عن المسير في هذه البقعة و غيرها بسبب كثرة السدود عليه ، و حوالي 1963 م جفت عين التل أيضا ولم تعد متنزها لصيد السمك


عين التل ، شمال شرق حلب و شمال الهلك و الشيخ فارس ، غربي الحيدرية و شرقي الشيخ مقصود ، منطقة صناعية و زراعية و سكنية ، أنشئ فيها على تل أخضر سنة 1962 م مخيم ( حندرات ) الذي لا تعترف به الأونروا !! حول معمل العوارض وقعت معارك ضارية ، ثم قصف فرن الذرة في 8 / 12 / 2012 م وبات هذا الحي العنوان المفضل لصواريخ ( اسكود ) التي دفع ثمنها الشعب من قوته و عرق جبينه


زرت عين التل ربيع 1979 م مع ثلة من أصدقائي - قبلها كنت أرى جارتنا الخالة أم عادل و ماهر تنتظر باص الريجي كل صباح ليحملها إلى الوظيفة - الريجي مصنع التبغ كان قائما و كذلك محلج الأقطان ، و لم يكن معمل الزيوت قد أنشئ .. في قصف 15 / 1 / 2013 م قتلوا امرأة و طفلين صغيرين ، لم يرتووا من دماء الطفل عقيل عقيل - 11 سنة - و الطفل محمد حمشو - 14 سنة - و الشاب خليل قوسمي الذين قتلوهم سابقا . أحد القناصة من وراء جدار ، قتل الشهيد عبد اللطيف بشلموني - 59 سنة - في 22 / 11 / 2012 م
عقيدة حماة الديار في غابة الأسد باتت عبئا حضاريا و قيميا ، الإنسان في الجيش مجرد عصا و آلة عمياء .. الأسد الأب فعلا دخل التاريخ من بوابته السوداء ، حتى قبره غطي بالمرمر الأسود

كرم .. آل حومد

قرر رمسيس الثاني ( سنقتل أبناءهم و نستحيي نساءهم و إنا فوقهم قاهرون ) 127 - 7 و هكذا أيضا قرر الأسد الثاني .. المفارقة أن امرأة فرعون كانت مثلا أعلى ، بينما أسماء الأخرس كانت حمالة الحطب ( طالعوا مقالة : يامن كنت ابنة عمي بتاريخ 29 / 12 / 2012 م ) لقد لفتني حي صغير جنوب شرق حلب مابين الصالحين جنوبا و باب النيرب شمالا ، كل شهدائه من الصغار و البراعم البريئة البسامة ، ابتداء من الخدج في مشفى الأطفال القريبة - انتقلت من محيط القلعة و كان اسمها المستشفى الوطني - و انتهاء بمن هم دون سن التكليف ! في عمر السنتين استشهدت طفلة غير موثقة ، وفي عمر 3 سنوات استشهد عمر الواوي ، وفي عمر 4 سنوات استشهدت فادية الواوي ، وفي عمر 5 سنوات استشهد محمد الواوي ، وفي عمر 9 سنوات استشهدت فاطمة الواوي ، و في عمر 10 سنوات استشهد مروان عساني ، وفي عمر 11 سنة استشهد أحمد كرميش ، وفي عمر 13 سنة استشهد حسن جسومة ، و في عمر 14 سنة استشهد عدنان عساني ، وفي عمر 15 سنة استشهد محمود الواوي ، وفي عمر 16 سنة استشهد علي العمر ، وفي سن 17 سنة استشهد علي أحمد غصيبة و إبراهيم دحام غصيبة . كرم حومد حلية من الشهادة و الشهداء ، و أقصوصة مسك يعج من تربته الخضيبة بأطهر الطفولة

كل هذا القصف و القتل من أجل صد دولة القانون و الحريات و حقوق الإنسان ، القآدمة القآدمة مثل تسونامي مضرجة بالدم و مكللة بالألم !! هذه كلها منطقة كروم و مزارع الفستق الحلبي الأخضر و موطن الفقراء و الضعفاء - أتباع النبي الأمي و كل الأنبياء - و في حقبة الثمانينيات كانت مثل غوطة دمشق الآن ، خضرة و ثورة و بطولات و ملاجئ

نقطة هامة : الثورات مثل العنقاء لا تغطي الخطايا و المخطئين ، و كل فوضى نلامسها هي في عنق بشار الأسد الطويلة ، عدو التغيير الأول و شيخ كار قطاع الطرق

معاصم المعصرانية !!

تحررت معاصم ( المعصرانية ) من قيودها في 25 / 7 / 2012 م ، لكنها لم تتحرر من أغلال السوخوي و الميغ و المدفعية البعيدة المدى . يوم مجازر هندسة الشهادة في جامعة حلب 15 / 1 / 2013 م ، ارتكبت كتائب الأسد جريمة جديدة داخل الحي الواقع غرب طريق المطار الدولي و جنوب طريق باب بزاعة ، و كما قصفوا الطلبة الآمنين داخل ( الحرم ) الجامعي من الجو ، وجهوا فوهات دباباتهم من البر إلى هذا الحي الذي شبهته جريدة قاسيون - 12 / 8 / 2007 م - بمخيم جنين !! أعجبني تعليق ابنتي بنان على مجازر الجامعة : خايفين من طلاب الهندسة يعمروا سورية

المعصرانية .. براءة تمتشق الجراح ، رأيت صورة لها تعود لسنة 2005 م ظننتها إحدى قرى إفريقيا . منطقة معدمة اشتهرت بمقلب القمامة و انتشار الأمراض المعدية و منها حبة حلب - اللاشمانيا - الحفر و التلال و البرك الطينية و المظالم اليومية و قسوة العساف ، و حتى مشروع السكن الشبابي البديل عن العشوائيات ( 68 هكتار و 4000 شقة ) حكاية أكملوها بالقنابل المضيئة بدلا عن الكهرباء المنقطعة من شهور ، و بالمتفجرات العنقودية بدلا عن عناقيد الزيتون الأخضر و الأسود الذي كان و معصرانية زيته التي كانت
في 14 / 9 / 2012 م أنقذت طفلة من تحت أنقاض الخرائب و الحرائق ، لم يعجب القتول ذلك فقتل عوضا عنها الطفلة وفاء بركات - 15 سنة - و في آخر أيام السنة الماضية أحرق القتول المتلهف للدم و الدمار معمل الدهانات الشهير .. الشهداء زكور بركات و محمد شومان و محمد الجبي و تركي خصيم قتلوهم في الحي ، أما الشهيد بسام علوش فقد قنصوه في دمشق بتاريخ 21 / 8 / 2012 م


أحرار المعصرانية الذين كانوا يخرجون من جامع أبي عبيدة ومن غيره ، ينطبق عليهم في بسالتهم و مضائهم ما قاله الفيلسوف محمد إقبال


يرى الجبان غزال القاع مرتعدا / حتى كأن غزال القاع ضرغام ..
و الحر يلقى أسود الغيل مبتسما / حتى كأن أسود الغيل أغنام

وما أدراك ما العقبة ؟

إذا نظرت وراء موقف سيف الدولة في المنشية الجديدة ، ستشاهد ارتفاع ( العقبة ) عن محيطها كأنها صقر يطير ولا يطير ، كأنها القرطاس الذي تقرأ فيه كل تاريخ حلب ( عقبة بني المنذر ، سميت كذلك لنشوزها عن بقية الأرض ، و لأن المناذرة أول من نزلها بعد الفتح ) أحجار الجدار الجنوبي لجامع القيقان ترجع للقرن 14 ق . م ، و الكتابة الهيروغليفية المكتشفة دليل كالنهار

حمام البزدار - بناها الصفي بن المنذر ناظر حلب وقت الأيوبيين - و حمام الخواجة و الزاوية الكمالية و مسجد الكيزاوي و بيت الحاكم سابق بن مرداس - 468 ه - بعض أجاعيد حي العقبة الواقع شرقي باب الجنين و نهر قويق و ناعورته و شمالي الجلوم و باب أنطاكية . هو يعتبر من أعلى التلال التي تتأثر بالزلازل و ماؤه أجاج كماء البحر ، من عوائله آل واعظ و الطرابلسي و الإسكندراني و المهروسة .. استشهد فيه مؤخرا الشاب جمال مهروسة و كذلك فاضل حميدة و عيسى الخطيب و محمود سقعان و سواه


كانت دار عم والدتي العربية العريقة دوحة دهشة و سكون ، داهموها قبل 33 سنة و أخذوا الإبن الأكبر عبد الرؤوف و لم يرجعوه - قبيل أيام من عرسه ، خطيبته كانت شقيقة أبي دجانة عندليب المنشدين - و بعدها بفترة عادوا فأخذوا كل العائلة و منهم عمه الراحل التشكيلي أحمد اسكندراني ، اختطفوهم و روعوهم لأيام !! من المدخل الشرقي جهة وراء الجامع و ملابس فريج ، كانت عيادة الممرض المبدع عادل قطاية ، أجرى لأختي الصغرى منار سنة 1971 م جراحة ناجحة جانب عينها اليمنى .. و بعده بخطوات معمل الحلواني ( قزموز ) ملك جوز الهند


في أحداث 2012 م تهدم العديد من بيوتات العقبة بفعل القصف المدفعي الهمجي ، لكنها بقيت عقبة كالعقاب يطير ولا يطير
سنة 2001 م زرت العقبة في الأردن آتيا من مصر بحرا ، أثارني هذا الخليج القلزمي الأروع ، أربع دول متجاورة تطل عليه لتلقي السلام ولا تمل : مصر و فلسطين و الأردن و السعودية


في القرآن الكريم السورة 90 ( فلا اقتحم العقبة و ما أدراك ما العقبة ؟ ) هي تحرير من عبودية و إطعام من مسغبة و مجاعة

الشهباء .. والشهباء الجديدة

يقيم في الرياض مهاجرا منذ 1974 م أديب و أكاديمي و مفكر إسلامي هو د . محمد علي الهاشمي - شافاه الله - خرج معترضا على دستور غابة الأسد ، بينما بقيت دارته تحت الإنشاء في أجمل بقعة بحي ( الشهباء ) غرب السبيل و شرق الزهراء و المحلق و شمال الجامعة ، بقيت عشرات السنون وثيقة إدانة لظلم الظلمة ، مثلما بقيت لوحتي ولديه الطبيبين عبد اللطيف و أسامة - فقيد تدمر - معلقتين فوق عيادتيهما في المنشية القديمة

هذا الحي الحديث - عمره 40 سنة - القابع الآن تحت القصف هو منطقة الأثرياء ، كان أساسه جمعية البلدية و كذلك شقيقه المجاور والأقل عمرا ( الشهباء الجديدة ) الذي يضم عددا من الجمعيات السكنية .. في 1 / 11 / 2012 م سقط فيه 4 شهداء مدنيين غير معروفين ( على مستوى مدينتي حلب هناك 500 شهيد مجهول الهوية ) و أيام الثمانينيات افتقد عددا من شاماته و شبابه ، منهم الشهيد همام الشامي و الدكتور حسان سعيد - صهر الصديق النابغة جمال حجار - و كذلك عماد الخطيب و شقيقه و والده - قتلوا والده انتقاما من هروب ابنه المهندس زهير من سجن كفر سوسة مع 17 آخرين في 21 / 5 / 1980 م - و الشهيد أنس عنجريني و شقيقه و الشهيد إياد الداخل !! أبو سنان - زهير الخطيب - في كندا الآن ، وهو من أخير و أذكى من عرفت في حياتي


جامع الرضوان - و قبل الشيخ عبد الهادي بدلة - كان يخطب فيه الدكتور أيمن أبو غدة المنفي من وطنه و نجل العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح رحمه الله ، أما جامع أبي حنيفة - و كما العديد من المرات - فقد خرج أحراره بعد تراويح 20 / 7 / 2012 م نصرة لحي صلاح الدين الحطيم و ضد المستبد الذي لا شبيه له .. دفتر الشهباء يكتظ بصفحات الوجع رغم رخائه الظاهري ، ففي 13 / 3 / 2009 م قام زياد غزال - شقيق محافظ حمص الأسبق - بمطاردة و تحطيم سيارة الصبيتين من أسرة النابلسي ، و في 12 / 10 / 2010 م اعتدى الشبيحة بالضرب المبرح على الطفل لطفي السومي أمام سمع و بصر والدته المسكينة


اعتاد القاتل المستهبل أن ينهش سورية ، لكن سورية - بصبرها و صمودها - ستنهشه و ترميه جيفة لسباع البرية ، قريبا قرب الشهباء

الأحد، 13 يناير 2013

مجزرة الجزماتي

كنا صغارا منتصف السبعينيات و كان جارنا ممدوح يأخذنا بسيارته الصالون - فولكسفاغن - إلى بستان الجزماتي و بجواره بستان الطراب و أشجار الجوز و اللوز و الفستق الحلبي ، كانت الفرحة تقفز من عيوننا و قلوبنا البريئة و نحن نسلم على البستاني البسام ! 

كرم الجزماتي صار بعدها حيا سكنيا يلاصق من جهته الغربية كرم الميسر - على الشمال من مطار حلب و الجنوب من طريق الباب - كما أن جارنا ممدوح تعرض للقنص قبل أيام قليلة ، شافاه الله

أعنون هذه العجالة ( مجزرة الجزماتي ) لكنها مجازر لم تصب فقط آل جزماتي ، آخر مجزرة كانت في جمعة مخيمات الموت 11 / 1 / 2013 م حين سقط 4 شهداء ، و يوم خطاب بشار الأسد في 6 / 1 / 2013 م - منسوب كذب هذا المسيلمة لم يعد يحتمل - حدثت مجزرة وكأنه لا يريد رؤية أحرار الجزماتي الذين ردوا على خطاب النسخة الثانية في 20 / 6 / 2011 م ، و كذلك هناك مجزرة 31 / 12 / 2012 م .. الشهداء نورا بيبي و نجمة المطير و بتول الأحمد و عبد القادر قطان و عبد الباسط حمود و عبد الفتاح سمور و عمر كركتلي و سامر حاج حسن و أحمد حداد و أنس حمود و شقيقه بعمر 10 سنوات ، هم بعض من سقط بصواريخ أرض أرض المنبعثة من فرع الأمن السياسي بالسليمانية ، أو الآتية من ناحية اللواء 80 - كما 27 / 12 / 2012 م - أو طائرات الميغ و السوخوي


مظاهرة 9 / 6 / 2011 م نصرة لحوران الحبيبة كانت من طليعة المظاهرات الحلبية في هذا الحي ، و في 21 / 9 / 2012 م هب الناس من مسجد أبي عبيدة انتصارا للمدن الثائرة ، تماما كمسجد الفاروق و دوار الشلالات .. البعض هرب هائما من أوار النار و البعض أخذ يطفئها كما في 20 / 12 / 2012 م


هنا سوق الجمعة القديم ، و هنا المدرسة المقصوفة بتاريخ 14 / 9 / 2012 م
هنا أسطورة المستضعفين الذين غلبتهم شهوة الكرامة و الكبرياء ، هنا الكرام الذين يتوسلون كل وسيلة لدفع الطغام و اللئام

الثلاثاء، 8 يناير 2013

قسطل الحرامي


لسبب واضح وحيد لن ينتفع الأسد الولد لا بالمدد التلمودي ولا الزرداشتي ، وهو أن ثورة السوريين : قضاء و قدر
في موقعة حنين - 8 ه - كان القائد يقول ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) و تصحيح الذاكرة حرف جر إلى حشد الحقيقة و الشعاع ، بعيدا عن المجازفة و الزيف !! جاء في كتاب ( ثماني سنوات في سورية 1842 - 1850 م ) للرحالة الإنكليزي بيل ، أن أهالي قسطل الحرامي ثاروا ثاني أيام الأضحى في 16 / 10 / 1850 م و هاجموا المخفر و عسسه ، و أن الوالي ظريف باشا تغلب عليهم و عاقبهم بالسوط و الفلق . و في كوليرا سنة 1875 م كان يموت في حلب كل يوم 300 إنسان بالحد المتوسط ، و مطلع سنة 1911 م غمرت الثلوج عدة أمتار هذه البقعة و غيرها و مات خلق كثير من البرد ، و انقطعت الطرق و القوافل و السبل .. قسطل الحرامي في 2012 و 2013 م مارد في التمرد ، و مظاهرة 14 / 12 / 2012 م ليست الأخيرة أو المبرر لمجزرة 16 / 12 / 2012 م ، بل كانت صدى لمجزرة 2 / 12 / 2012 م و مقتل الطفلة و المرأة و من قبلهما في 23 / 8 / 2012م مقتل السيدة السبعينية رحمها الله


استشهد هنا أحمد الجلب و عبد الله حمامي و عبد الرحمن قرقاش و عمر الزين و محمد حاج أحمد و محمد يحيى علي و محمد حمامي و سواه ، لكن جامع قسطل الحرامي أو برد بك - المجدد أواخر القرن 15 م - ما زال يصدح بنداء الله أكبر ، رغم دماره النسبي في 18 / 8 / 2012 م


قسطل الحرامي ، حي عتيق يقع شمال باب النصر و شماله الحميدية و ميسلون ، و هو على الشرق من الجديدة العريقة يجاور قسطل المشط ( بناه قاسم بن المشط في 1047 ه ) سكني و فيه متاجر تقليدية و حمامات و خانات و قبر برد بك - تاجر الممالك السلطانية - الذي بنى القسطل و جر إليه الماء من القناة العامة بطريقة غير رسمية ، فسمي هذا المنهل بالحرامي ! و قيل أنه قسطل الحرمي نسبة للحرم الشريف و تجمع الحجاج في ساحته .. و القسطل كلمة يونانية معربة تعني مكان توزيع الماء ، من العوائل هنا آل عبه جي و آل ورد و آل بركات و آل حجو ، أسرة الممثل المعروف عمر حجو


أورثني أبي - رحمه الله - محبة القسطل و الفرلق على طريق اللاذقية - لؤلؤة البحر المتوسط و متروبوليت سورية - غابات و جبال الفرلق و مياه القساطل العذباء كأنها هبطت من جنة السماء ، بحثت لها عن مكان فلم تجد غيره .. لله درها سورية
سورية الحورية و الحرية

الأحد، 6 يناير 2013

الشيخ نجار

وضع مدير الناحية بسطاره على فم المرأة المنتحبة السبعينية ، راح يضغط بشدة حتى لا يصل استعصامها بالمعتصم إلى أسماعه ، وقتها كانت الجرافة تحرث بيتها الريفي القرميدي المخالف لتعاليم الحاكم بأمره . نساء قرية ( الشيخ نجار ) انتفضن على العار ، راحت الحجارة و الأحذية و الأرواث تطارد زبانية الوثن حتى ردوهم عن حياض العجوز .. حدث هذا في 29 / 7 / 2010 م
على أوتوسترادات عديدة شمال شرق حلب - منها طرق الباب و السفيرة و المسلمية - تقع قرية الشيخ نجار غير النائية ، تبعد 5 كم و يقطنها 5000 نسمة فقط . و على مقربة منها تقع مدينة الشيخ نجار الصناعية العملاقة ( 4400 هكتار ) باستثمارات تزيد على 300 مليار ليرة !! خلع السكان هنا حرائق البيوت و القمامة ، الفقر و الحرمان و السخرة و المدرسة الإبتدائية الوحيدة كل ذلك أثمر الثورة
أحبك يا شيخ نجار لأنني لا أعرفك ، هذا الصوفي المتقشف فرض اسمه على أشهر منطقة صناعية في الشرق الأوسط ، مئات المعامل المتنوعة تشتغل منذ سنة 2000 م يحاول الأفاك السفاك دمدمتها ، في 10 / 12 / 2011 م انتشر شبيبته و شبيحته هنا لحرق كل مصنع يستجيب لإضراب الكرامة ، و في 14 / 11 / 2012 م كانت ألسنة النيران اللعينة تلعلع بالإرغام لتفتك بحضارة الإنسان و تقدمه و مكانته و ماكينته . ليس الموت هنا أقرب من حبل الوريد ، رغم اكتشاف المقبرة الجماعية بتاريخ 30 / 8 / 2012 م ، إنما الإرادة و المسؤولية و الكدح و الروح


استشهد الطفل إسماعيل العبد الله - 9 سنوات - و فياض الحمادي من عشيرة عميرات و زكور خواتمي و إبراهيم بطيخة و رحمو الرحيم و غيره و غيره ، ومن أعيق بسبب القصف علمه عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى
نقلت وكالة ( آكي ) الإخبارية في 31 / 12 / 2012 م أن في سورية 270 ألف حالة إعاقة دائمة بسبب الأحداث .. أي رأس سنة هذا ؟؟ كيف نبتسم ؟؟

الجمعة، 4 يناير 2013

وراء الجامع

تشرفت بالحديث عن مسجد ابن عبد الملك ( الجامع الكبير ) قبل أن يتمادى عليه نيرون قرداحة في 13 / 10 / 2012 م ، لكن السيرة تأخذني ثانية إلى الجهات الأربع للبقعة التاريخية ، إلى أول الوعي و أنا أسمع من أمي - أدامها الله - عن السوق الأوسع و المكان الأسرع و الأكثر تنوعا ، عن .. وراء الجامع

خان الحرير و الوزير و سوق النسوان و متحف التقاليد الشعبية - كم لفتتني فيه ملابس الجندي الأيوبي - و طلعة القلعة و بوابة السويقة و محلات الحاج محمد باذنجكي - شاه بندر الصدق و الكرم - و ناشد إخوان الدروبس الشهير و مصنع مشروبات ببل اب جوار مصلحة المياه - اول مرة صعدت فيها المصعد مع ابي - و بيت المتنبي الشاعر و روائع صندوق الدنيا ، تجعلك تستلهم المراد و تسترد الحكمة و الحلم ، هذا الحلم النزاف اليوم بأطهر الدم و أطيب المداد . الشهيد المهندس الدكتور مروان جرادة و الشهيد باسل وفائي و الشهيد باسل ياسين و الشهيد يوسف هنداوي ، هم بعض شرفنا المنتفض و نهضتنا المؤملة


وراء الجامع وسط حلب القديمة و الجديدة ، كان يسمى ( الشرفية ) و كان من عوائله السباعي ، و من لا يعرف كبيرها الأديب العالمي ( فاضل السباعي ) و زقاق الزهراوي شمالي الجامع ؟ أو لم يقرأ ( ثم أثمر الحزن ) ؟ أو لم يستحم مع العصافير بماء البركة ؟؟ سأوثق مع سمر الفيصل أن السباعي ولد عام 1929 م وليس كما قال حسام الخطيب بأن ولادته كانت في 1920 م ! أيضا من هنا عائلة الكيالي و أديبها سامي الكيالي 1927 - 1972 م ( أبو الريحان هو الأديب الساخر حسيب كيالي الذي كان يوقع بهذا اللقب في مجلة النذير الإخوانية في الثمانينيات ) آل رحماني و مفاوضات التسوية السرية مابين التيار الإسلامي ممثلا بالشيخ عبد الله ناصح علوان و مابين الطليعة المقاتلة ممثلة بالمحامي حسني عابو في بيت الحاج عبد الرحمن الرحماني - أوائل تشرين الثاني 1979 م - و التي أفسدها عامدا رفعت الأسد


الأسواق المقببة و الحرائق المتعمدة تؤشر للتركة الثقيلة ، لكن التغيير قادم ، قائم ، قاهر ، قادر

الخميس، 3 يناير 2013

القاطرجي .. الكرم و الكرامة

على شاشة أورينت نيوز في جمعة ( خبز الدم ) 28 / 12 / 2012 م و كما جميع الجمع ، شاهدت الصورة الأخيرة لأحرار ( كرم القاطرجي ) وهم يهتفون بآلاف الحناجر : نحن هنا ، شدوا الهمة الهمة قوية

أروع مافي الثورة السورية اكتشاف الذات و الموقع و الفكرة العميقة ، أراها منة من المنان الرحمن و سنة إلهية لاريب فيها بعد جمود كل شيء و انطفاء كل شيء .. نعم ، المخاض عصيب و الولادة قيصرية ، لكن المولود ( وطن ) ! والله اشتقنا أن نكون مثل بني البشر


حدثني الإعلامي الأديب محمد هدى قاطرجي ، أن هذا الحي قبل قرن واحد كان كرما كبيرا يعج بأشجار الفستق و الزيتون و المشمش ، و أن حدوده الجنوبية هي حلب القديمة و جب القبة ، بينما يجاوره شمالا حي الشعار الأبي و شرقا التاتالر - التتريون بالتركية - أو حارة النصارى ، أي أنه الوسط الشرقي للمدينة و وسط عين الشمس . سكانه أتوا من الأحياء المتفرقة و الفقيرة و تغلب عليهم المسحة العشائرية ، لكنهم اليوم في مقدمة العظماء والأصفياء و الأغنياء ( الغنى غنى النفس ) صمدوا و صبروا و صرخوا و صخبوا ، ثاروا على استعمار المخابرات و النوم في جيوبهم ! في 7 و 8 / 8 / 2012 م خرجوا بمعاصمهم يردون على القصف ، و في 28 / 9 / 2012 م خرجوا تحت القصف و العنف ، وفي 28 / 11 / 2012 م خرجوا ليلا ليتضامنوا مع دير الزور و دير بعلبة . أربعون يوما والكهرباء مقطوعة ، لم يعد الأذان يسمع من جامع الباقر أو عباد بن بشر أو القاطرجي .. الشهيدتان في 20 / 9 / 2012 م لم أعرف لهما اسما ، لكني عرفت أسماء سعاد محمد و حمدان حمان و حسام عفر و حسين عبد الله و أحمد العبد الله و جهاد عرفة و خالد معصراني و مصطفى شمرحي و محمد بللو و بكري حمشو ، رحمهم الله رضي عنهم الله


القاطرجي - أمير القافلة أو القاطرة العثمانية - الأصل من حارة الباشا ، الحاج علي و عائلته كانوا أصحاب هذا الكرم .. سنة 1980 م استشهد منهم عبد الغني قاطرجي ( في الجلوم ) و محمد قاطرجي ( في تدمر ) و أبناء مصطفى قاطرجي و غيرهم


و ما بين التذكر و النسيان ، سلام لنجم بيروت الشيخ الداعية الشهم ( حسن قاطرجي ) و كل أهل الكرم والكرامة