الجمعة، 28 ديسمبر 2012

حيوا .. الراشدين

مكث الراشدون في خلافتهم 30 سنة ، و ترجل من حي الراشدين 30 شهيدا !! مجزرة 29 / 9 / 2012 م كانت الأكثر ترويعا
حتى سنوات قليلة كان جمعية سكنية بيضاء ( معظم حجارة حلب بيضاء ) اشتهر أن لا ماء ولا مجاري ولا مدارس و لا مصحات فيه ، رغم وجود ألف عائلة على الأقل و رغم أنه لا يبعد عن القلعة سوى 9 كم و عن حلب الجديدة 2 كم ، شمال غرب الحمدانية و جنوبي المنصورة .. وضعوا هناك - فقط - مجمع البحوث العلمية ، مستجيبين بطريقتهم لوصايا عالم النفس الإنساني إبراهام ماسلو - 1908 / 1970 م - في سلم الحاجات البشرية ، استجابة تذكر بالحراثة في البحر


السوريون على الفطرة و الحسنى ، بعضهم ظن خيرا بالطبيب الوريث بشار حافظ الأسد ، صدقوا وعوده و عهوده و ثرثرته الكثيرة ، توهموا منه وصف الشاعر : ولا أحمل الحقد القديم عليهم / و ليس رئيس القوم من يحمل الحقدا .. و حدهم أبناء المفكر جودت سعيد كتبوا ( لا ) في استفتاء آب 2000 م ، اعتقلوهم أسابيع تأديبا و تأنيبا و فركة أذن


مركز البحوث هذا بات مركز المباحث و المصاوب ، حراسته قتلت يوسف النجار و أصابت امرأة و طفلا عمره 3 سنوات . في 1 / 7 / 2012 م خرج أحرار الراشدين من جامع الراشدين نصرة للحولة ( حولة الحسن و الحسام ) رد السفاح كان جاهزا ، قصف عشوائي في 7 / 7 و 8 / 7 / 2012 م .. معارك ضارية انتهت بطرد الباطل من مركز البحوث في 17 / 9 / 2012 م ، رد السفاح كان جاهزا باستهداف محولات الكهرباء الحديثة و القصف من مدفعية الزهراء ، طيران الميغ و السوخوي يخترق جدار الصوت و جدار الحياء
في 30 / 11 / 2012 م هدموا مئذنة عثمان بن عفان - حزن عليه أبو بكر و غضب عمر و تألم علي - و في 18 / 12 أجهزوا على المزيد .. رضي الله عن الراشدين و العشرة المبشرين


أقول لسيرغي لافروف الذي أشاهده على الشاشة : الجغرافيون أجدادنا أطلقوا على قومكم في خرائطهم ( بلاد يأجوج و مأجوج ) و في القرآن الكريم أنهم مفسدون في الأرض !! سيعود السد ثانية مع بلادك و أقوامك و سياساتك

ثورة السكري

عرف الشعب طريقه  في ( حي السكري ) و اختار أن يكون ظهيرا لثورة الشعب السوري العظيم ، مروءة ، و شهامة ، و بسالة ، و تضحية . رفع صوته و سواعده حتى الشمس ، و سكب من دمه بسخاء حاتم الطائي ، و منذ 15 / 3 / 2011 م وهو لا يخاف في الشهادة لومة لائم

أواسط السبعينيات كان حيا صغيرا و كنت طفلا صغيرا ، أذهب مع أصحابي إلى محل والدهم هناك ، نحمل إليه ( مطبقية ) الغداء فيكافأنا بفرنكين لكل واحد ، نشتري بهما خسا  زاهيا من دكان الخضرة و نغسله من مضخة أحد آبار المزارع في طلعة المشهد . أتذكر ملامح الرجل الغامض الذي ذاع صيته ( أبو العمرين ) و اسمه سليم حيدر ، كان يخرج من بيته على حصان أشهب و يلبس اللباس العربي الفلكلوري المزركش ، شخصيته تشبه الممثل محمود مرسي - عتريس السينما المصرية - يتفرق الناس من طريقه و يزجون تحياتهم المضطربة له : على راسي خالي أبو العمرين

حي السكري ، آخر أحياء حلب في جنوبها الغربي ، يحده من الشرق خط القطار و منطقة الشيخ سعيد ، و غربا الأنصاري الشرقي و أطراف المشهد ، و بوابته الأوسع و الأهم هي من جهة جسر الحج - نقطة وداع و استقبال قوافل الحج قديما - و في السنوات الأخيرة توسع لحدود تل الزرازير و الراموسة الصناعية جنوبا ، و بات مكتظا بسكانه المحليين و المختلطين ، و مزدهرا بحركته التجارية الناشئة ! إنه حي شعبي بسيط و طيب و محافظ ، قدم - وقد حصحص الحق لديه - أروع أمثلة الوفاء و المؤازرة لأشقائه و شركائه على أرض الوطن المستيقظ ، و تحمل تبعات ذلك قصفا و نسفا و مذابح فاجرة لا ترعوي .. و من الطريف خروجه للتظاهر صبيحة عيد الفطر 1433 ه وسط أطلال عماراته المتهدمة

لقد استشهدت فيه عائلات بأكملها ، مثل أسرة الشهيد مصطفى زريق و زوجته فاطمة عرعور و ابنهما أحمد ، ذبحوهم كالأغنام داخل بيتهم . و كذلك الصيدلانية الشهيدة آسيا الباشا و أطفالها ، و العائلة التي قضت بالقذائف المجرمة ليلة 4 / 5 / 2012 م . و استشهد أطفال مثل أقراص العسل ، طارق عقيل و بدر الدين صادق و سواهما ، و كذلك عجائز كالعم سمير حمشو .. ناهيك عن عشرات الأحرار و الأبطال ، محمود كردية ، أحمد ستر ، محمد قصاب ، يحيى كسبو ، مهند عثمان ، أحمد حلاق ، حمود جرك ، منهل محمد ، عبد الهادي الشامي ، حسين مسطو ، أحمد محبك ، عمر موفق ، عمر دباك  و غيره و غيره ، و ما يزال قطار الشهادة سائرا

كنت أتمنى أن يكون مختار السكري ( عبد الفتاح توتنجي ) مع أبناء شعبه ، لا أن يأسره الجيش الحر في 19 / 8 / 2012 م بتهمة التشبيح ، ولا حول ولا قوة إلا بالله

ثورة السكري و السكاكر ، هي ثورة النور و العدل و الشرف والهوية ، أدخلت هذا الحي للتاريخ من أوسع أبوابه.

الأشرفية .. نموذجا


منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ، ابتدأ البناء على تلك الهضاب الواقعة شمال غرب مدينة حلب ، و التي كانت وقفا عثمانيا للمدرسة الأشرفية قرب اسطنبول . و بالتالي نشأ ( حي الأشرفية ) الطريف - و غير المتطرف - بتركيبته السكانية مابين غالبية كردية و أقليات عربية و شركسية و تركمانية ، و أيضا مسيحية ففيه دير قديم و كنيسة واسعة يراها الداخل للحي من جهة الجنوب .. هذا الحي أراد أن يضرب المثل بوحدة أبنائه و ترابطهم الوطني و تمازجهم الثوري ، فاشتعل الوعد في مشاعره و حناجره ، و تحدى مختلف الظروف و المكائد ، و مضى يفتت تحت أقدامه صخور المعاناة و عذابات السنين ، لكي تحلو المسيرة و تتحرر الحياة و يسترد مفقوداته

أيام رمضانية قضيتها فيه لدى خالتي التي كانت تسكن هناك سنة 1980 ه .. تستهويك موزاييكه و ألوانه العرقية الأليفة و المتآلفة فأنت عربي كلاسي و جارك كردي ( أو كوردي ) عفريني و جارك الآخر ريفي حريتاني و هذا مارديني تركي و هكذا ، و الجميع تجمعهم قبة المسجد الجميل بمئذنتيه الشاهقتين ، كنا نراهما من دوار الكرة الأرضية آنذاك . أذكر فيه توافد البسطاء و الطيبين لزيارة ( الولي ) المدفون داخل مسجد آخر الخط ، و كذلك الألحان الفلكلورية الكردية العذبة و سيمفونية ( الطبل و المزمار ) و رقصات القرويين و زغاريد الفرحة ، و كذلك دار العجزة و أغصان أشجاره و أريج أزهاره ، و محلاته المتنوعة و المكتنزة بالتسامح و الحب الكبير

توسعت الأشرفية كثيرا في العقود الأخيرة ، و ضمت العديد من التجمعات العمرانية كحي بني زيد ، و لعل أسماء معالمه توحي بمقدرته الفذة على العيش الطبيعي و المشترك في ظل قواسمه الحضارية و الإنسانية الغلابة ، فهذا جامع صلاح الدين الأيوبي و تلك حديقة طارق بن زياد إلخ . و هو عكس ما تروج له السلطة الغاشمة من بث للأكاذيب و نشر للأراجيف عن الوحدة الوطنية المهددة بدون نظامهم الظلوم ، و حتى في الثمانين قدم كوكبة من خيرة أبنائه ، كان منهم الشهيد عمر كعكة الذي قضى تحت التعذيب

الآن اختارت الأشرفية السبق في الثورة ، فخرجت منها مئات التظاهرات و شهدت عشرات الاعتصامات سيما أمام فرع الأمن الجنائي ، و كانت من أكثر الأحياء التزاما بدعوات الإضراب و العصيان المدني . قدمت أول صحفية شهيدة بتاريخ 10 / 3 / 2012 م ، و قبل ذلك و بعده قدمت الكثير من الشهداء الأشارفة ، الشهيد محمد سيدو ، الشهيد عدنان ديبو علي ، الشهيد كمران مصطفى ، الشهيد جلال محمد علي ، الشهيد فرحان قوجة ، الشهيد يحيى جمال ، الشهيد أحمد حبلص ، الشهيد محمد حداد ، و غيره

الأشرفية نموذج مشرق واعد لإعلان الثورة الحقيقي : واحد واحد واحد الشعب السوري واحد .. الأشرفية في القلب

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

رحيل التمثال

التصفيات الميدانية في مدخل حلب الغربي أول طريق الشام ، عند عقدة التمثال القديم ( من ذلك 4 شبان أعدموا بالرصاص يوم 9 / 11 / 2012 م في الغابة القريبة ) هي بعض شلالات الدم السوري التي استساغها و استعذبها منحبكجية الوثن ، رغم تكسير مئات الأوثان لأسرة الأسد كما في حي الشهباء بتاريخ 21 / 7 / 2012 م

الحواجز المتفشية من دوار الموت أو الحمداني أولا ، و حتى دوار الموت أو الباسل جهة دارة عزة ، مرورا بالجسر و النفق مكان ( التمثال ) القديم و نزولا للكرة الأرضية ، تورطت باعتقال الآلاف و تقتيل المئات .. الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكدت في 22 / 12 / 2012 م اعتقال 40 ألف مواطن من محافظة حلب


كانت منطقة الصنم أو التمثال مشكاة المدينة ، أوائل السبعينيات كنا نذهب إليها أويقات الأصيل و أيام الربيع . تلك الفلالي المديدة و شمس المغيب و هجمة القمر تأسر ألباب الإنس و الجن ، قرقرة الأراجيل و روائح الشواء لم تكن تشدني ، من يصدق ؟؟ الذي يدغدغ أحلامي كان منظر أعمدة الإنارة المتتالية البيضاء كسلسال فضة على جانبي الشارع ، ولا أحلى !! وسط المستديرة هناك كان تمثال الخصب ، رجل الفلاحة و من حوله أسدان و أدراج و نوافير ملونة و حشد أزهار مختلفة الأنواع و متنوعة الأريج ، تتناغم مع المكان الوحشي كتناغم النجوم مع العتمة . أنجز هذا النصب في 1968 م النحات وحيد استانبولي - 1940 / 1994 م - و وقت أزيل منذ 6 سنوات وضعوا هيكلا حديديا على الدوار البديل ( الحمداني ) قبل 500 م تقريبا من الغرب ، فيما صنع عبد الرحمن مؤقت التمثال البرونزي لباسل الأسد ممتطيا مهرته - وزنه 8 أطنان - عند الدوار الثاني .. الخليفة الرشيد كافأ رجلا ماهرا بإدخال الإبر ببعضها من بعيد بمائة دينار و عاقبه بمائة جلدة ، لتبديده موهبته . الشيخ نسيب الرفاعي نزع بمطرقته تمثال صورة جمال عبد الناصر في إحدى مدارس حلب سنة 1961 م ، كما سمعت من أخي رفعت


رحل التمثال إلى المجهول لكن نغمة الماضي لن ترحل .. لن يلتق مع تماثيل هولاكو إلا إذا انكسر أحدهما

باب .. اللون الأحمر

على بعد مائتي متر شرقي المدرسة السلطانية ( قبالة بوابة القلعة وافتتحت في عهد الملك العزيز الأيوبي سنة 620 ه ) وضعوا موقف باص سبير الحسبي ، هو سبيل الحسبي و الماء السلسبيل الذي كان يتدفق من قصر الشيخ يوسف الحسبي منذ 1280 إلى 1395 ه .. و على بعد عشرات الأمتار شرقي هذا الحي المملوكي الذي ينسب لعالم الأمراء و أمير العلماء ( عثمان بن أحمد بن أوغلبك ) وما بين بابي الحديد شمالا و النيرب جنوبا يقع باب الأحمر و جامع باب الأحمر المبني سنة 885 ه ، لكن باب الأحمر لم يعد يؤدي لقرية الحمر - ظاهر حلب - ليس لأنه هدم مطلع القرن الرابع عشر الهجري فحسب ، بل لأن الدم القدسي يغطي كل بقعة من أزقته و ممراته التراثية الدامعة ! أخذوا أحجاره إلى الرباط العسكري في 1885 م ، و أخذوا أحراره إلى الأمن العسكري في 2011 م

عندما أنظر لهذه البقعة من حلب القديمة ينفرم قلبي ، كل الأسى الإنساني و مالا يخطر في الخاطر فعلوه ، لم يتركوا إفكا أو إفسادا يعتب على شواربهم ، صبغوا كل الألوان باللون البشري الأحمر .. الشهيدة ميساء جليلاتي و الشهيدة وهيبة حسكور و الشهداء إبراهيم الآغا و أحمد المزيدي و محمد الحموي و محمد أطرش و عبد الرحمن طويلة و عبد الغفور أبو شعر و علي سليمان و يوسف منصور ، و أسرة سعودي في 8 / 8 / 2012 م و الشهداء المجهولين في القذف المدفعي الملعون يوم 21 / 10 / 2012 م ، ضحايا ضحايا ضحايا
باب اللون الأحمر و جامع الحموي و عتبات الصيادي و الخلف و الأمير عثمان و النزيف الأحمر ، ورود جورية قانية يصل شذاها كل أفق و كل شفق


في حي ( صلاح الدين ) فقط أكثر من ثلاثمائة شهيد !! ماذا تريد الباطنية أكثر من ذلك ؟؟

ملحوظة : ما أقوله ليس لوحة سيريالية قشيبة ، أو تغريدة تويتر

السبت، 22 ديسمبر 2012

الموكامبو .. و الأعظم

ارتبط اسم هذا الحي الراقي بمطعم و منتزه كان هناك مطلع السبعينيات - بعدها صار صالة للمفروشات - و الكلمة ليس لها ترجمة سوى علاقتها بفيلم سينمائي ظهر سنة 1953 م من بطولة كلارك غيبل ، وقتئذ قال منتجه أنه قصد بموكامبو معنى ( الأعظم ) و المعنى في قلب المنتج . و لأنه يقع مابين السبيل شرقا و الشهباء غربا و الخالدية شمالا و أقصى شارع النيل ، أحسب أن بعضه كان العمران و الأندلس بعضه .. أحيانا تنتقل الأسماء و تختلف فالبحرين - مثلا - كانت تطلق على الإحساء أو المنطقة الشرقية في الجزيرة العربية

طيلة عقود و عناقيد الموكامبو تداعب توقي و شوقي دونما تفسير ، الكثير من عوائل حلب التاريخية استقرت هنا على التخوم الشمالية الغربية . حادثة تفكيك العبوة الموضوعة داخل علبة مكياج في 26 / 4 / 2012 م - معلومات عكس السير - ترمز لصورة و صوت الحي ، و كذلك للعروق العميقة غير المرئية مابين السوريين و شرائحهم المجتمعية ، فالشعب اليوم متحد موحد بفكرة التغيير و استحقاقات كسر قيوده ، متناسج بدمه و حبره و مزاجه


في 2 / 6 و 1 / 7 / 2011 م كما 19 / 1 / 2012 م مظاهرات تحت وابل الرصاص !! و صبيحة 2 / 2 / 2012 م غرد أحرار الموكامبو مع عصافيره الملونة تذكيرا بحماة الشقيقة و الصديقة و نواعير الأنين ، رفعوا علم الاستقلال ولافتة : لن نركع أبدا لن نركع .. تظاهروا في 8 / 5 أمام مأكولات باباي ، واعتصموا بذكرى النكسة 6 / 6 و في 28 / 7 و 9 / 8 و 2 / 9 / 2012 م كانوا يهدرون حقا و حرية و حراثة ، حرائر و صبايا تمردن على الأزياء و أحمر الشفاه ، شغلتهن قضية الوطن الأكبر الذي ضج على الورم و الذبح اليومي و الفرامانات العرفية ، خرجن بعطرهن الجديد و جهرهن الأبقى في 21 / 7 / 2012 م


هذا المستبد لا يستح أو يرعوي ، قذائفه سقطت قرب باتشي في 26 / 10 / 2012 م ، و قصفه تواصل في 24 / 11 و 26 / 11 و 28 / 11 / 2012 م .. قطع الكهرباء 5 أيام متواصلة عن منطقة الماركات ، أصاب 4 أشخاص بالرصاص الحي في 4 / 12 / 2012 م . المستشفى العسكري آل إلى مخلب قط بترسانته و فوهاته ، في قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية رهط من الموكامبو ، سبعة في يوم واحد هو 30 / 8 / 2012 م

المسلمية .. و المشاة

أبو فرات ( العقيد يوسف جادر ) قائد اقتحام مدرسة المشاة في 14 / 12 / 2012 م ، لخص قبيل استشهاده بلحظات صدقية و مقاصدية الجيش الحر ، أعرب عن تأثره وتوجعه من سقوط الضحايا و تدمير المدرعات و المركبات .. كأن قدر الثورة السورية ركوب الأسنة و قدر أبي عبيدة بن الجراح أن يسربل أباه بسيفه

المسلمية ، ضحى حلب و ضاحيتها ( 40 كم شمالا و 15 كم المدرسة أو الكلية ) على طريقها من مستديرة الجندول و حتى الحدود الدولية ، مستشفى الكندي و السجن المركزي و المنطقة الحرة و معسكر التدريب الجامعي ، و مخيم حندرات الفلسطيني ( صليت الجمعة فيه مع الشهيد أيمن الخطيب صيف 1979 م ، و لفتني وجود تابوت داخل الجامع ! ) افتتح كل هذه السهول المكتظة بالمزارع و المنتزهات حبيب بن مسلمة - رضي الله عنه - و .. عند دخول المحتل البريطاني حصلت قرب حريتان - جنوب غرب المسلمية - معركة مع العثمانيين بتاريخ 26 / 10 / 1918 م ، انتهت بمقتل القائد الإنكليزي الذي أقاموا له نصبا و ضريحا معروفا


العم قويق الآتي من عنتاب التركية إلى المسلمية إلى حيلان و العويجة ( نادي التورينغ ) إلى عين التل ، كان - و قناته العتيقة - نهر الريف الحلبي الأشهر واستطاع تخليد تاريخه و تأريخ خلوده ، حتى المسلمية صارت مسمى للعديد من قرى وادي النيل في مصر و السودان و غيرهما


كانت مدرسة المشاة - مساحتها 3 أكيال مربعة - المعقل الأخطر ميدانيا في صب حمم الجحيم من دباباتها و مدافعها ذات المدى البعيد على كل المنطقة ، سيما اعزاز و تل رفعت و عندان ، استشهد براجماتها مالايحصى قبل هروب عميدها آدم سليمان تحت جنح الظلام . الأرض هنا لم تشهد فقط المعارك الطاحنة و القنابل العنقودية و الانشطارية ( أسقطت طائرة ميغ يوم 12 / 2 / 2012 م ) بل شهدت عصيان السجن المدني في 12 / 8 / 2011 م


كانوا يلقون الخبز من الحوامات على العسكريين المحاصرين في المشاة كما يوم السبت 1 / 12 / 2012 م ، كانوا يقتلونهم إذا استجابوا لنداءات الثوار و رجاءاتهم المدوية بمكبرات الصوت !! كان أول الشهداء المقتحمين محمد سالم ، تبعه الملازم أول أحمد طلاس و الناشط الإعلامي أحمد ليلى و عمار العاصي و عمر البيانوني و محمود مبيض و محمود عبود و حسن درويش و خالد يحيى و وضاح ناصر ، و محمد رجلة القادم من حرستا الشآم ، و غيرهم رحمهم الله جميعا


السؤال اليانع : إلى متى تتعاقب الحرائق على قلبي و وطني ؟؟

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

الجلوم الكبرى والصغرى

من مكتبة أخوي الكبيرين سليم و رفعت ، قرأت ألف ليلة و ليلة ، لم أجد مثل ( الجلوم ) حيا تتمثل فيه أساطيرها ، بيت عمتي أنموذج عمران عربي بنافورته و شجيراته و فنه و أفنانه !! للجلوم المقسمة إلى كبرى و صغرى و الممتدة من العقبة شمالا و قنسرين جنوبا ، مذاهب في تفسير التسمية منها : جل القوم ، فهم من العلا الغربي لحلب القديمة . اشتهرفيها من الغابرين المشايخ نجيب خياطة و جميل عقاد و محمد كلال ، ومن الأحياء اللواء ( محمد الفارس ) رائد الفضاء السوري ، الفنان صباح فخري لم يهاجم ثورة السوريين كما فعلت ميادة الحناوي

الأزقة الضيقة و المغلقة هنا ، كم أضاعتني و أنا أتشاطر لأختصر الطريق إلى الخالة أم ربيع - الزوجة الأولى لمعلمي في السوق إسماعيل عطار - أحمل لها حاجياتها من السقطية ، وتر التسامح المتصل من مسجد أبي يحيى لكنيسة الشيباني ( أقيمت في القرن 12 م ) لا يضاهى أو يضارع ، مثل الصخرة المغناطيسية المعروفة للحي . باب السعادة ( أنشأه الملك الناصر سنة 654 ه) مابين الكلاسة و باب أنطاكية ، بقي خرقا بعد عين ، يجاوره زعتر الناصر و حلويات الطرقجي و الفوال الحمامي و مزار الشيخ شهاب الدين - من قادة صلاح الدين - و .. في أحد أيام صيف تموز 1980 م أخرجوا كل الذكور المدنيين و مددوهم على الزفت اللاهب فوق بعضهم كاليبرق ، بعد استهداف دورية راجلة . تلك الفترة سقط شهداء بالجملة من أل حفار و حماد ، و من الذين عرفتهم عبد الرحمن شعبان قصاب - من نجوم فرقة أبي الجود - و جمال عيار و جمال بي و محمد رسلان


يتشابه التاريخ لكنه لا يكرر نفسه ، في سنة 2012 م استشهدت الطفلة نور آلا - 8 سنوات - و هناء دليل ابنة بنت خالتي في 3 أيلول ، و عبد الله دليل و فراس رحمو و أديب تلي و يوسف بوادقجي و محمد بعيج و مصطفى مخزوم و زياد حمامي - سائق قنصه حاجز خربة غزالة في 18 / 9 / 2012 م - و ذات النهار كانت عمدان الدخان تتصاعد من الجلوم ، القصف الجوي و البري أورث دمارا هائلا .. رأيت فيلما يندى له جبين العالم ، رجل مصاب و زوجته يهربان مذعورين من قناص في 11 / 12 / 2012 م
و أمام هول الحدث توقفت شهرزاد عن الحديث

الأحد، 16 ديسمبر 2012

الفرافرة .. الهديل و الهدير

أسمع أنباء العدوان على حي ( الفرافرة ) فأعود إلى ارتعاش الطفولة ، أنتعش من معين أسوار القلعة و أحيائها و حكاياتها . قصف الجائر هنا نصف تاريخ حلب ، يا للعار ، أورد الأمة أهوالا و ما زال يكابر !! في 7 / 8 و 8 / 8 و 6 / 10 و 2 / 11 و 30 / 11 و 1 / 12 و 2 / 12 / 2012 م هدم بمدافعه و نيرانه الدور و القصور و المعالم ، كما مدرسة سيف الدولة و النجاة

في الجغرافيا تمتد الفرافرة من شمال القلعة و المدرسة الإسماعيلية ، إلى حدود الجديدة شمالا ، و البياضة شرقا و باب النصر و السبع بحرات غربا . و في الهوية هي ملمس الزمن خصوصية و عراقة و حضارة رابضة ، و في الشخصيات هي موطن المفكر المبتكر عبد الرحمن الكواكبي و شاعر الإنسانية المؤمنة عمر بهاء الدين الأميري و الداعية الشهيد أمين يكن . قيل إن اسمها بسبب غزارة مياهها عن سائر الأحياء ، فيها أول دار للحكومة و أول سجن و أول حمام للسلطان صلاح الدين .. كنت أفرح لزيارة بيت عمي جانب جامع العثمانية ( المدرسة الرضائية أنشأها سنة 1143 ه عثمان باشا ) و أتذكر هناك شجرة التوت و مقام النسيمي و قهوة البرتقال و عظمة الصمت ، في حاراتها سكون الأحياء و هدوء الحياة ( لا تسمع فيها لاغية ) كان لا يخترقه سوى هديل الحمام - كقيثارة حزينة - و حفيف الأشجار يصل من داخل البيوت العربية و القناقات التركية ، و الآآآآن تسمع هدير المروحيات و هجوم المجنزرات و المدرعات
المدرسة الشعبانية ( أسسها شعبان آغا بن أحمد و كان مديرها الشيخ عبد الله سراج الدين ) تعرضت للدمار الجزئي ، كانت ما تزال تبكي أستاذها ( محمد عثمان جمال ) المفقود منذ 1980 م .. تلك السنة افتقدت الفرافرة لفيفا من فلذاتها ، الشهداء من آل إدلبي - المحامي أمين و نجليه أسامة و أنس - و حسان كرزون و محمد دبابو و ناظم عنداني ، والده الشيخ عمرعنداني حمامة مسجد الهندي جنوبي العثمانية . إلى الشمال منه خوخة الأرمني العجوز وانيس ، كثيرا ما أوصلنا له الطعام من امرأة عمي


العثمانية أيضا منبر الداعية الشيخ أحمد عز الدين البيانوني - رحمه الله - و حواليها آل الشريف و المدرس و المرعشي و القدسي و اليكن

المقام المبارك

باب المقام .. و الحب من اللمحة الوحيدة ! عندما رأيته أحد أيام الثمانين دخل قلبي و روحي ، و من أكون بجانب نور الدين الشهيد - 511 / 569 ه - تقي الملوك الذي عشقه و جدده و زخرفه و عطره و كان يتعبد فيه ؟

من أسمائه ( الباب القبلي ) و قد افتتح عبقا و عبورا إلى مقام الخليل إبراهيم - عليه السلام - و مقامات الصالحين و الشيخ الحزين جنوب شرق حلب القديمة ، أثناء ولاية الملك العزيز بن غازي قرابة 612 ه ( تولى السلطة و عمره 3 سنوات !! ) وإلى حقبة المرداسيين كان مايزال كنيسة جرى تجديدها سنة 420 ه .. يلاصقه غربا مسجد و مقامات الأربعين وليا و خان الشاوي ، و من عوائله آل بيك و بوشي و الشعار و الناصر


أحيي باب المقام و نافذة التاريخ و أترقب - في مقبلات الأيام - تقبيل عتبات شهدائه : الحسين فردوسي و الصالح بلوة و محمد طوطح و نضال ناعورة و عائلة الأورفلي - الذين استشهدوا ببرميل بارود - و محمد حجار - الدرويش المقتول تعذيبا - و محمد ديبو حجار ( قنصوه في السبع بحرات و دفع أهله 100 ألف ليسمح لهم الجائر بسحب جثمانه ) و أيضا .. كان هناك محمد حجار من ضحايا الثمانينيات ، و محمد جوخة و محمد قرقناوي و محمد حمامي و عادل حشيشو ، رحمهم الله . تربة مخضبة بمدد الإباء و دماء الأباة ، إنه الحي الذي ولد فيه علامة حلب و مفتيها د . إبراهيم السلقيني سنة 1934 م


يروي دارفيو - قنصل فرنسا - أنه في عام 1680 م كان يوجد في حلب 75 قنصلية ، و يروي الأحرار أن منطقة باب المقام شهدت 75 مظاهرة سنة 2011 م ، كما في 30 / 6 و17 / 7 و 12 / 8 و 18 / 8 . و يروون كذلك أن المدفعية في 26 / 2 / 2012 م ، دكت منطقة باب المقام المبارك


أول السطر : هدم الحجاج الكعبة سنة 73 ه و هدم هولاكو حلب سنة 658 ه و هدم تيمورلنك حلب سنة 803 ه و هدم الزلزال حلب سنة 1237 ه .. بنيت الكعبة ثانية و بنيت حلب ثانية و عاشرا


السوريون أقسموا أن يهدموا أوثان الأسد ، السوريون يقولون لباب المقام و الشيخ الحزين : لا تحزن إن الله معنا

لأنه .. الشيخ فارس


لم نشهد الولي البستاني الحلبي الشيخ فارس ، لكننا شهدنا شهامة حيه و شجاعة شهدائه .. لم نعرف أولئك التجار الحضارمة الذين نشروا دعوة التوحيد ، لكننا عرفنا آثارهم و مكارمهم جنوب شرق آسيا و مدينة أمان الله و ألوف جزر الهادي و الهندي
شرشه أخضر مو يابس ( جذر النبات بالسريانية ) و هو مثل موروث عن نضارة الشيخ فارس !! كان من أقران الشيخ الأكبرعبد القادر الكيلاني مطلع القرن السادس الهجري ، لا يشق غباره و لا صلاحه .. أما هذا الحي الصغير حجما و الكبير نجما ، فإنه يقع جنوب عين التل و غربي الحيدرية - شمالية حلب - أنشئ ستينيات القرن الماضي على عتبات شيخه و مسجده الأشرف ، و عندما أزفت الثورة صار قلبها الدافئ و نبضها الدامي ، بل شيخها القابض على الجمر و الثائر على الجمر ، تتجلى الحقيقة فيه و تتجمل جلية الحق


في 29 / 9 / 2012 م قصفوا هناك مبنى الإعلاميين و المراسلين ( قرب مدرسة مجدل شمس ) لا يريدون لشمس الشهود أن تشرق ! قصفوا من مسافات سحيقة صالة سيبال و النقشبندي و معالم الحي الأبي و مناراته ، سابقا رد على عدوانهم بالإضراب الشامل في 2 / 6 / 2012 م ، و رد ثواره بإسقاط طائرة الميغ التي أرادت قتل الشيخ فارس في 7 / 11 / 2012 م


الطفل محمد نور الخطيب - 12 سنة - و الطفل محمد عبدو الخطيب - 10 سنين - قتلا داخل بيتيهما .. شهيدان و عشرات المصابين بقذيفة ابن سبأ يوم 27 / 10 / 2012 م ، الشهيدة ميساء قبلاوي و 5 شهيدات نازحات من البوكمال الباسلة في 15 / 9 / 2012 م . الشهداء داوود داوود و فؤاد عبد المجيد و فارس عبد الكريم و علاء أبو شعبان و صبحي الشريف و صالح الشريف و صهيب عبود و محمود عكرش ، كلهم من غراس الأرض الطيبة


لأنه الشيخ فارس ، كانت مظاهراته متوالية لا تتثاءب ، ذات ملامح شيخها الولي

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

باب الفرج

قلب المدينة المعاصر ، و المعتصر ألمعية و أسبقية و أريحية .. باب الفرج

لم يوجد منذ 1904 م ، لكن وجد منذ عهد الملك الظاهر غازي ( ابن صلاح الدين ، والي حلب من 581 إلى 613 ه ) كان أصغر الأبواب إنما أكثرها شهرة و أحلاها مسمى . أمامه تماما برج الساعة المربع و المتربع وسط الساحة ، المدهش بمقرنصاته و دربزوناته ! أشرف عليه تصميما و تنفيذا النمساوي شارتيه ، أيام رائف باشا سنة 1899 م


أنشئ البرج مكان قسطل السلطان سليمان القانوني ، غربي مسجد بحسيتا التاريخي - 1350 م - و شمال غرب حلب القديمة ، و إذ به رمزا لكل حلب و ميادينها و أوتيلاتها و وكالاتها التجارية سيما الساعات و السلع ( ساعة البرج معطلة و عقاربها متوقفة منذ تسلط الديكتاتورية ) و في ذاكرتي أن المرة الوحيدة التي جلست فيها بالمقهى ، كانت بصحبة أبي - رحمه الله - منتصف الطريق الموصل للمتحف و الشرطة السياحية ، جنوبي حي بستان الكلاب ( غل آب بالفارسي أو ماء الورد ) و كذلك زرت مرات المكتبة الوطنية جنوب الساعة و جارتها ، مقابل الشيراتون الجديد - و هو من استثمارات مجموعة الخرافي الكويتية - و جهة المنشية أكلت من فلافل أرزة لبنان و شربت من عيرانه اللذيذ ، قبل أن يهدمه حسين بطاح


باب الفرج ، الذي منح اسمه لإحدى قرى الحسكة و الجزيرة ، كان مقصلة أو مشنقة للقاتلين و السفاكين - رأيت بعضهم معلقا على الأعواد - و هو اليوم يتململ و يدندن ألحانه العميقة الجارحة ، اشتاقته البطولات السالفة و سوالف المواقف و الأجداد .. في 30 / 6 / 2011 م تجمع 100 فدائي يهتفون بصرخة الحق و الحرية ، لم يبالوا بشبكات الشبيحة و أشباه الرجال ! خرجوا أيضا في 27 / 6 و 1 / 7 و 3 / 7 / 2011 م ، و يوم 21 / 7 امتلأت أرصفته و عبارات عماراته بمناشير التغيير ، التغيير القاني الممهور بالشمس و شلالات الدم الغالي


معارك كثيرة في معترك باب الفرج ، كما في 15 / 3 و حتى 9 / 11 / 2012 م .. العشرات من مجهولي الهوية استشهدوا ، الناشطون لم يدونوا سوى اسم : رشيد البكور في 21 / 8 / 2012 م على حد معرفتي

الراموسة العجيبة

مساحتها 200 هكتار و مساكنها لا تذكر ، ذكرها ياقوت الحموي و كانت حلبة تحول في تاريخ سورية الحديث ، مدرسة المدفعية و مذبحتها في 16 / 6 / 1979 م فتحت بوابة الصراع الدموي ( نفذها النقيب المناوب إبراهيم اليوسف و مجموعة استثأرت و استأثرت بالقرار ) التيار الإسلامي العريض لم يرتضيها ، لكن الأسد الأب استثمرها و استحلبها لبسط قبضته

من يحدق في المرافق الصناعية يستهويه الدور العجيب لهذه المنطقة ، منذ أواسط الستينيات وهي تصنع هياكل السيارات و القاطرات ، كنا نمشي إليها أحيانا للرياضة فنصل لتخوم كلية التسليح العسكرية ، ثم نعود و الشمس لم تعد هناك ! بقي اسم الراموسة آراميا عمره 5000 سنة ( مطر الست عشتار ) افتتحت حلب في 637 م ولم يفرض المسلمون مفرداتهم ، لم يفعلوا مثل تودور جيفكوف في بلغاريا 1984 م و لا مثل البعث العربي مع الأكراد ، بقيت عشتار الحب و الحرب خبرا عن حقبات و وثنيات


الراموسة ، جنوب غرب حلب و آخر أحيائها جهة الأنصاري و صلاح الدين .. في 19 / 2 / 2012 م وصلها شباب الأسد و شبيحته ، كسروا المحلات و عاثوا و سبوا و شتموا و أغلقوا معمل الغاز و حاصروا عماله ، و يوم 24 / 5 / 2012 م خرجت مظاهرة طلابية من مدرسة الصناعة ، و في 2 / 6 / 2012 م أضربت متضامنة مع المناطق السورية


نصبوا هناك مدافعهم - داخل كلية المدفعية - قصفوا كل حلب و ريف حلب ، بشرا و شجرا و حجرا ! في 5 / 6 / 2012 م قصفوا حيان و بيانون ، و في 26 / 10 / 2012 م أطلقوا 14 صاروخ أرض أرض ، صار صوت الراموسة سوطا


الشهداء هنا لا يحصون ، كلهم أو جلهم طرائد لفوهات الجريمة ، كلهم أو جلهم من عابري السبيل صغارا و بالغين .. الشهيدة فاتن حاج علي و منى قريجي ، و الطفلة التي كانت تمرح داخل سيارة أهلها في 23 / 9 / 2012 م ، و الطفل أحمد الحسن و عبد الله علي محمد و محمد علي نداف - تحت جسر الراموسة - و إلياس كيورك و أحمد عرب و عزيز الظاهر و شهيد عشيرة بني خالد يوم 17 / 9 / 2012 م و الرجل المقتول تعذيبا قرب جمعية الريادة ، و غيرهم و غيرهم


في بدر رأى بلال - مؤذن الرسول - جلاده أمية بن خلف ، استل سيفه قائلا : لا نجوت إن نجا .. الأحرار أحرقوا الكازية العسكرية في 3 / 8 / 2012 م ، الأحرار استلوا سيوفهم و سواعدهم يقولون للأسد الولد : لا نجونا إن نجوت

باب النيرب .. والنيرب


أتلمس ثريات الألوان و صرير الحاضر الماضي في ( باب النيرب ) و تجاعيد هويته !! بناه الملك الأشرف برسباي - 780 / 841 ه من المماليك البرجية - وهدمت بقاياه أوائل الثلاثينيات ، من عوائله آل باذنجكي و مكانسي و دعدع و حميدة


قرب قرية أو محلة النيرب جنوب شرق حلب ، أقام الفرنسيون المطار العسكري وفي ثكناتهم - بعد الجلاء - سكن النازحون من فلسطين ( في 11 - 7 - 2012 م استشهد 11 من أبناء المخيم ذبحا ) ثم توسع المطار فصار مدنيا ودوليا .. النيرب الملتحقة ببابها تزرع الورد الجوري و الفستق و الزيتون ، وهي سريانيا الأرض المنبسطة و عربيا الرجل القوي ! هناك أيضا قرية النيرب شرقي إدلب بحدود 10 كم


عقود عجاف أحال النظام هذا الحي العريق إلى شيكاغو ، و نشر شركه و شراكاته في كل الأطراف و منهم بعض عشيرة البري ( أُعدم زعيمهم زينو يوم 1 / 8 / 2012 م بعد مجزرة المضافة ) خلف قابيل تركض الخطايا و مدافع الثوار لا تتخلف .. في 31 / 7 / 2012 م كان الطيران يرجم باب النيرب ، وفي 31 / 8 تدمر جزء كبير من جامع جلال الدين ، بتاريخ 18 / 10 / 2012 م كان القصف يصب أوار نيرانه على المدنيين و النيربيين ، قتلوا الطفلة دعاء فرواتي - 7 سنوات - و الطفل محمد شوا و الطفل عبد الكريم السخني و الطفل عمر حردان و الشهيد ناصر المنصور - أثناء محاولته إسعاف مصاب - و إبراهيم دباس و أحمد كلزية و محمد طبشة و محمد ديب شادي و عبد الغفور جليلاتي و فايق الغش و طارق البنشي و نبيل اللابد ، و حسين علوش أثناء محاولة انشقاقه في الرقة نهار 17 / 10 / 2012 م


المظاهرة العارمة في 5 / 5 / 2011 م كانت تهتف لدرعا و حوران ، وفي 10 / 6 / 2011 م هربت عناصر الأمن و الشبيحة من المتظاهرين ، و كذلك في 16 / 6 و 30 / 6 و 1 / 7 / 2011 م يوم بركان حلب .. في 31 / 7 / 2012 م سيطر الجيش الحر على ساحة الملح و المخفر ، و اشتبك مع حاجز مدرسة الصناعة الخامسة و حاجز سوق البقر


أهالي باب النيرب يتحدون الجلاد و يدحرون ظلمته ، تظاهروا بعد الفجر في 20 / 8 / 2011 م الموافق 10 رمضان المبارك

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

ترانزيت العزيزية

ما شهدنا إلا بما علمنا .. آية كريمة 81 / 12

الكثيرون شاهدوا ( شادي حلوة ) مساء 2 - 6 - 2012 م يؤكد على الفضائية السورية من حي العزيزية ، أن حلب هادئة و متيمة و ممتنة لسيد الوطن ! ركض عليه أحدهم بالحذاء و هو يصيح : الإعلام السوري كاذب


العزيزية في مدن و بلدان عديدة ، سكنت سنوات في عزيزية مكة المكرمة مجاورا و متتلمذا للأساتذة علي الطنطاوي و محمد قطب و السيد سابق و ماجد عرسان الكيلاني ، و في دارة المهندس غازي شبارق - رحمه الله - قضينا أجمل الساعات ، كانت كالترانزيت مثلما كانت عزيزية حلب ترانزيت باص الجامعة ، مئات المرات مررت بها في الطريق لسيف الدولة من شارع بارون .. شارع بارون الأكثر ترتيبا و غنى ، شريان العزيزية الممتد جنوبا حتى المتحف الوطني ، فيه فندق بارون ( بني في 1911 م و تملكه عائلة مظلوميان ، الملك فيصل الأول سكن الغرفة 215 و الروائية أجاثا كريستي سكنت الغرفة 213 ) و فيه سفريات الكرنك و الزيتوني ، شعرت بالفخر عندما سألني على الملأ مدير الزيتوني : ماذا يقرب لك الشهيد فخر الدين ؟ و آخر مرة هناك رأيت قرب سينما الأهرام الشهيد مأمون كردي ، عانقته و بكينا .. شممت منه روح أخي فخر الدين


سنة 1868 م افتتحت الحكومة مدرسة الصنائع - لتعليم المهن - مولتها ببيع جبل النهر شمال شرق قويق ( قرش واحد للذراع المربع ) أقبل تجار مسيحيون على الشراء ، منهم آل حمصي و برغل و خوري و خياط .. سميت المنطقة على اسم الخليفة العثماني عبد العزيز - 1861 م - و صارت تجارية و سياحية و سكنية بامتياز ، فيها أول ناعورة لجر المياه و أقدم مخفر للشرطة - افتتح في 1900 م - و فيها المركز الثقافي و نادي الجلاء و محل حنان الأم و البنوك الحديثة و تسامح المسيحية و الإسلام ، و المسيرات المزيفة


الإعلام السوري كاذب ، رأيناها - على الهواء - من شاشة التصفيق و الصفاقة ، شاشة لم تذكر ببنت شفة مسائية أحرار العزيزية في 3 / 10 / 2011 م ، و لا حكت عن إضراب الحي في 16 / 6 / 2012 م .. تفجير السيارة في الأوغاريت 16 / 8 / 2012 م ، و قصف دير سيدة المعونة الدائمة في 8 / 9 / 2012 م شيطنة مكشوفة لإثارة الثورة على الثورة ! الذين أرسلوا شبيحتهم لاقتحام وكالة الألبسة يوم 12 / 3 / 2010 م ، وحدهم أرباب السوابق و شراكات الإكراه و مص دماء الناس و لعق أرزاقهم

السبت، 1 ديسمبر 2012

الروضة والسبيل

كأنه يقيس الأرض بساقيه ، قال لي أخي فخري : انظر عبد الله هذا المتر يعني بمائة ليرة .. كنا في الطريق لجامع الروضة أوائل السبعينيات ، و كان أبي - رحمه الله - يحدثنا عن غلاء هذا الحي الجديد ( السبيل ) ! بقيت جلجلة الشيخ طاهر خير الله - طيب الله ثراه - أثير خلود ذاك المنبر ، صدعا بالحق و صدى للحرم ، ما استحالت كلماته طابع بريد و ما نسينا أذان منذر و الترمذي و الدايخ و سماع المدلل و الحفار و الحلاق كل ثلاثاء . مسرحية ( في ظلال اليرموك ) شاهدتها في صالة المكتبة الملحقة سنة 1978 م ، بعد 8 سنوات من افتتاح الجامع الشهير، هناك سمعت لأول مرة من أبي الجود أنشودة ( كن مسلما و كفاك بين الناس فخرا ) في حفل المولد 1399 ه

أرجح أن شرارة ثورة الثمانينيات انقدحت من هنا ، الشهيد عمر سالم كان أول القافلة ، تبعه الشهداء : وليد عطار و عصام قدسي و - شقيقه - عبد الله قدسي و حسني عابو و عدنان عقلة - أبو بصير الطليعة المقاتلة - و رضوان سمونة و رسول حنوش و د . أدهم سفاف و عبد السلام كراسي و الشيخ موفق سيرجية - خطيب جامع الرحمن المفوه - و محمد هنداوي و إياد الداخل و تيسير الشامي ، و مازن عنبر الذي قتلوه في مظاهرة 19 / 10 / 1979 م


سبيل الدراويش و حديقته التي افتتحها رائف باشا - سنة 1896 م - على الأطراف الشمالية الغربية لمدينة حلب ( كانت باحة تملأ بالمطر ) بات سبيل الرخاء و الحداثة و الروضة الفيحاء .. و صلت رسالة السبيل سميه و توأمه من درعا الدامية ، فيها تحية لأولى تظاهراته في 2 / 6 / 2011 م ، لحرائره وهن يهتفن كالخنساء و أم عمارة في 2 / 2 / 2012 م ، لأحراره في 25 / 10 و 25 / 11 / 2011 م و 29 / 1 و 2 / 7 و 11 / 7 و 28 / 7 و 9 / 8 / 2012 م ، و يوم سقوط القذائف عند مدرسة خالد بن الوليد


القنصلية الأمريكية و نقابة المحامين و دوار شيحان و شارع النيل و شارع القاهرة و شارع وشوشونا و حداء واحتداب الروضة ، حضور على مائدة السبيل 5 نجوم ، كحضور أعلام الاستقلال المرفرفة يوم 12 / 2 / 2012 م


كنا نظن زمن الأحلام الذي انتظرناه ، ولى و عشناه .. الثورة العملاقة ، تصحيح و تصويب للحلم و البوصلة

الفيض و .. الملعب البلدي

على ضفاف نهر ( قويق ) الغربية كان منتزه حلب و حلبة السباق فيها ، كان حي ( الفيض ) المنخفض جناحا و جغرافية و المستعلي منعة و مناعة !! ورد في كتاب الأعلاق الخطيرة أن الفيض كانت هدف نقفور الأول سنة 962 م ، مثلما كانت حماة هدف الأسد الأول سنة 1982 م .. ردوا على نقفور بتشييد المشهد ذات السنة ذات المنطقة

في ومضة عين أو قلب أحاول تحبير ألف ذكرى و ذكرى ، بعمر هذا الحي الوديع ألف سنة و سنة ، تسكنني صورة أحمد و زياد - من أحب أصحابي - ترى ماذا فعل الدهر بهما ؟ الشهداء علي قولي و أحمد حباب و فوزي جركس - قتلوه تحت التعذيب 1980 - ثم .. الشهيدان جلال و عبد الحكيم جلال ، من يضاهيهما ألمعية و نجابة و بسمة حيية ؟؟ آآآآه سجن تدمر كم ابتلعت من فلذات الفيض و حلب و حماة و حمص و الهلال الخصيب ؟


من موقعي على الشارع العام ألحظ الفيض و الملعب كالكنغر أما و وليدا ، هنا كان يقطن المفكر الإسلامي عادل فارس ، و الكاتب الأديب باسل الرفاعي - مؤلف كتاب يوميات و أيام عمر بهاء الدين الأميري - ما عرفت من هو أكثر من باسل فنا و تواضعا و مسؤولية .. ومن فروج الكامل - قال لي أخي فخري أن مالكه كان أستاذا في الكواكبي - إلى المسبح البلدي و الملعب و مفتش الباصات و الخمر السحري ، إلى عشرات آلاف المتظاهرين يوم 25 / 5 / 2012 م و عشرات الضحايا في 30 / 5 / 2012 م بتفجير سيارة الموت المجرم ، ثم القصف بالمدفعية الثقيلة أمام فرن كسحة في 25 / 9 / 2012 و الشهيد الطفل محمد عزيزي و الشهيد محمد عرب و زوجته يوم 19 / 9 / 2012 م بجانب مشفى الحياة ، شهداء سورية خلودها و بياضها الناصع و بكاء الكبرياء المضرج


الملعب البلدي تأسس نهاية 1946 م - أيام مجد الدين الجابري رئيس البلدية - سماه النظام ( 7 نيسان ، ذكرى مولد البعث سنة 1947 ) لكن تلك السنة الكبيسة سقطت طائرة استعراض فوق مدرجه فقتلت العشرات رحمهم الله ، و ما زلت أتذكر مباراة الزمالك القاهري و الأهلي الحلبي سنة 1977 م تقريبا ، و انتشار الجيش الشعبي ببواريده العتيقة .. مظاهرة ساحة الفيض 21 / 12 / 2011 م و بعدها تجميد الموسم الرياضي 2 / 1 / 2012 م ، كانت بعض موقعة الثورة و تجليات حقيقتها المؤزرة