عرف الشعب طريقه في ( حي السكري ) و
اختار أن يكون ظهيرا لثورة الشعب السوري العظيم ، مروءة ، و شهامة ، و بسالة ، و
تضحية . رفع صوته و سواعده حتى الشمس ، و سكب من دمه بسخاء حاتم الطائي ، و منذ 15
/ 3 / 2011 م وهو لا يخاف في الشهادة لومة لائم
أواسط السبعينيات كان حيا صغيرا و كنت
طفلا صغيرا ، أذهب مع أصحابي إلى محل والدهم هناك ، نحمل إليه ( مطبقية ) الغداء
فيكافأنا بفرنكين لكل واحد ، نشتري بهما خسا زاهيا من دكان الخضرة و نغسله من مضخة
أحد آبار المزارع في طلعة المشهد . أتذكر ملامح الرجل الغامض الذي ذاع صيته ( أبو
العمرين ) و اسمه سليم حيدر ، كان يخرج من بيته على حصان أشهب و يلبس اللباس العربي
الفلكلوري المزركش ، شخصيته تشبه الممثل محمود مرسي - عتريس السينما المصرية -
يتفرق الناس من طريقه و يزجون تحياتهم المضطربة له : على راسي خالي أبو العمرين
حي السكري ، آخر أحياء حلب في جنوبها
الغربي ، يحده من الشرق خط القطار و منطقة الشيخ سعيد ، و غربا الأنصاري الشرقي و
أطراف المشهد ، و بوابته الأوسع و الأهم هي من جهة جسر الحج - نقطة وداع و استقبال
قوافل الحج قديما - و في السنوات الأخيرة توسع لحدود تل الزرازير و الراموسة
الصناعية جنوبا ، و بات مكتظا بسكانه المحليين و المختلطين ، و مزدهرا بحركته
التجارية الناشئة ! إنه حي شعبي بسيط و طيب و محافظ ، قدم - وقد حصحص الحق لديه -
أروع أمثلة الوفاء و المؤازرة لأشقائه و شركائه على أرض الوطن المستيقظ ، و تحمل
تبعات ذلك قصفا و نسفا و مذابح فاجرة لا ترعوي .. و من الطريف خروجه للتظاهر صبيحة
عيد الفطر 1433 ه وسط أطلال عماراته المتهدمة
لقد استشهدت فيه عائلات بأكملها ، مثل
أسرة الشهيد مصطفى زريق و زوجته فاطمة عرعور و ابنهما أحمد ، ذبحوهم كالأغنام داخل
بيتهم . و كذلك الصيدلانية الشهيدة آسيا الباشا و أطفالها ، و العائلة التي قضت
بالقذائف المجرمة ليلة 4 / 5 / 2012 م . و استشهد أطفال مثل أقراص العسل ، طارق
عقيل و بدر الدين صادق و سواهما ، و كذلك عجائز كالعم سمير حمشو .. ناهيك عن عشرات
الأحرار و الأبطال ، محمود كردية ، أحمد ستر ، محمد قصاب ، يحيى كسبو ، مهند عثمان
، أحمد حلاق ، حمود جرك ، منهل محمد ، عبد الهادي الشامي ، حسين مسطو ، أحمد محبك ،
عمر موفق ، عمر دباك و غيره و غيره ، و ما يزال قطار الشهادة سائرا
كنت أتمنى أن يكون مختار السكري ( عبد
الفتاح توتنجي ) مع أبناء شعبه ، لا أن يأسره الجيش الحر في 19 / 8 / 2012 م بتهمة
التشبيح ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
ثورة السكري و السكاكر ، هي ثورة
النور و العدل و الشرف والهوية ، أدخلت هذا الحي للتاريخ من أوسع أبوابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق