الخميس، 16 مايو 2013

حبيبتي .. مدينة الباب

دعاني الصديق الأديب د . حسن العثمان للكتابة في مجموعته ( حبيبتي مدينة الباب ) .. لم يشعر أنه يتزلج على جرح قلبي ، و ذكرياتي ، و حقول الشوق

كانت تسمى تيماء و باب بزاعة - بزاعة بلدة شمالي شرقيها كما أن الباب شمال شرق حلب على بعد 30 كم - و منذ أول مظاهرة فيها بتاريخ 8 / 4 / 2011 م وهي في صدارة الحدث و في فضاءات البطولة ، شهداء و جرحى و أحرار مطاردين و براميل بارود ( كما في 3 / 9 / 2012 م ) رحلت عن سورية لكنها ظلت معي فوح عبير و نفحة فرح .. آه ما أحلى أيام الخالة حميدة - رحمها الله - من آل سلمو و شقيقتيها صبرية و بدرية صديقات والدتي المقربات ووالدتهن الطيبة السخية ، كن يسكن في زقاق ( الشيخ حمزة ) الذي يقرأ المستقبل و يكتب الرقى ! علامة حلب الشيخ عبد الوهاب سكر القادم من تلك البقعة الممتدة تاريخيا حتى العهد الآرامي و ربما الحثي ، آل البدر و آل منلا و آل الحسيني و آل الشهابي قناديل في سماء المعرفة و التميز


سكانها الآن 200 ألف بطل و مساحتها 200 هكتار من أخصب التراب المسقي بالدم الطاهر و من نهر الذهب الطهور ، أذكر تلك السنابل اللامعة بلمعان الشمس و العاشقة للحياة و الشمس .. كتب عنها ابن جبير و ياقوت حماة في معجمه الأشهر ، و كتب عنها التاريخ عندما افتتحها من عنوة الرومان الصحابي المجاهد حبيب بن مسلمة سنة 16 ه


جبل الشيخ عقيل و السيارات العتيقة المكتظة مابين طريق الباب و الشعار ، و الباب و تادف و منبج و الرقة ، و وجوه البشر الفياضة بالبشر و البسمات و الترحاب الكبير الكبير بكل ضيف حلبي .. الله الله يا أهل الباب
الباب ليست حرة
الباب هي الحرية

اسكود .. تل رفعت

السلام عليكم يا ( ناصر ) الطيب الأطوار ، صديق الطفولة وابن تل رفعت .. كان يسكن جوار جامع بلال في حي صلاح الدين ووالده كان سائق قطار ، اعتقلوا هذا الفتى الوديع و عمره 14 سنة و مكث في سجن تدمر 14 سنة ! كان أخي الشهيد فخر الدين يداعبه بقوله : طويل هبيل ، فيضحك و نضحك من أعماق قلوبنا

في حلب ينسبون كل قادم يقطنها إلى منطقته ، فهذا إدلبي أو بابي أو حياني أو عنداني أو تادفي أو درعوزي أو نيربي أو سرميني إلخ إلخ ، إلا الذين من ( تل رفعت ) أو ( أرفاد ) المدينة الصغيرة الواقعة على بعد 30 كم شمالي حلب و 10 كم شرقي اعزاز ، و المرتفعة عن سطح البحر 500 م ، فأي سر هذا ؟


مطلع القرن التاسع ق.م كانت عاصمة مملكة بيت أغوشي الآرامية الممتدة مابين طرابلس و حلب ، و هي عاصمة الملك السوري تيغلات بيلاصر ، و حضارتها المكتشفة تعود للعهد البرونزي القديم 3000 ق.م . حقولها الخضراء التي تنتج السنابل و الحمص و الزيتون و العنب ، تجعلك تهيم في سهولها و حلمها اللذيذ قبل أن تختبئ في ملاجئها من صواريخ : اسكود
مكثت أتأمل الدمار الواسع و صور الضحايا بعد سقوط صاروخ اسكود في 28 / 4 / 2013 م ، عشرات المدنيين يتضورون ألما و دما و كوابيس !! لعلها الغارة رقم 10 أو 20 أو 1000 فكل سورية تل رفعت ، و كل الدماء مسؤولية بشار الأسد و والده و أجدادهم بابك الخرمي و الأفشين خيزر و قرمط بن حمدان و عبد الله بن سبأ

في ( تل رفعت ) التي لا يزيد عدد سكانها عن 80 ألف نسمة حوالي 200 شهيد ، منهم الطفلة رهف ملدعون - 5 سنوات - التي قضت نحبها في 19 / 9 / 2012 م ، و منهم من آل الخطيب و الصباغ و كنجو و درباس و عثمان و بدران و سكران و حميدة و بلاو و مريميني و الأوس و كعكجي .. و هناك أيضا ثوار أبطال و ألوية لا يخافون الغول ولا تخرصات حسن نصر الله

بتاريخ 19 / 2 / 2013 م سقط أول صاروخ اسكود هنا قرب محطة القطارات التي افتتحت سنة 1909 م ، و بتاريخ 27 / 2 / 2013 م كان هناك رجل يلقي قصيدة وسط ركام المنازل المدمرة ، إنها الروح التي لن تنكسر


أخي ناصر .. حبيبتي تل رفعت و أهلها الأفذاذ وباصاتها الجميلة .. كل الشآم هي وجهكم و صوتكم

الاثنين، 29 أبريل 2013

ال 7 بحرات

كتبت سابقا في مجلة ( المجتمع ) الكويتية عن السبع بحرات الشام ، و بعد تفجير 8 / 4 في الساحة التي تأسست سنة 1925 م - كان اسمها الكابتن ديكار بانتري - أتناول ساحة السبع بحرات في حلب الشهباء ، التي باتت تضخ الدم من نوافيرها بدل الماء العذب الصافي
السبع بحرات ، صممتها السيدة المهندسة من آل الجابري أوائل الستينيات ، في عهد رئيس البلدية عبد الغني السعداوي ، فصارت سريعا من أشهر الميادين و الساحات


السبع بحرات ، تجمع بين عبق الماضي ( منطقة الدباغة القديمة شمال غرب القلعة ) و بين حداثة الحاضر المقبوض عليه ، حيث الصرافة و التجارة و مصالح الناس


السبع بحرات ، طلعة البنك و شارع السجن و إطلالة الأموي و خاصرة الخندق ، كم هزتني صغيرا مشاهد الأهالي ينتظرون دورهم في زيارة ذويهم السجناء و المحتجزين


السبع بحرات ، جامع الدباغة العالق بالذاكرة أو الرومي المبني قبل 7 قرون بالتمام و الكمال ، أو حمام السكر و جامع النبي شمعون في سويقة حاتم ، أو مسجد البكفالوني


السبع بحرات ، و أكبر حاجزدموي للوحدات الخاصة و علي حيدر أيام 1980 م ، كم و كم سقط من الشهداء هناك من آل كرزون و دبابو و العنداني و الإدلبي و غيرهم


السبع بحرات ، و حرائق الأسد الأزعر تلتهم مؤسسة التأمينات و المعاشات و الرقابة و التفتيش ، تلتهم مقر الكاتب بالعدل و النفوس .. ألسنة النيران و النيرون تلتهم شارع الفريق الشهيد عبد المنعم رياض 1919 - 1969 م
السبع بحرات ، و الشهداء بالعشرات منهم إبراهيم حموي و أيمن المنلا و باسل وفائي و باسل ياسين و صابر حميدة و صلاح البزيعي و عبد اللطيف الجمال و محمد ويسي و مصطفى سلوم و يوسف هنداوي ، رضوان الله عليهم

المارتيني .. و الميريديان

المحضر الممتد من الفيض و خط القطار شرقا و حتى الفرقان و طريق الجامعة غربا ، و من الإذاعة و الحريري جنوبا و حتى كلية الهندسة و نزلة أدونيس شمالا ، كأنه الهلال في انحنائه و بزوغه . عدة مناطق حديثة تتجاور و تتصافح ، المارتيني ، الميريديان ، الكواكبي ، الهجرة و الجوازات .. لكن أهالي المارتيني و الميريديان لن يهاجروا و لن يستخرجوا باسبورات
أيام في السبعينيات و أبي و أشقائي جلوس على تلك السفوح الصخرية قبالة مشفى حلب الخاص أو مشفى هنانو ، أشجار السرو تطاول نجوم السماء الصافية ، في مدينة يعمها السلام و يعمها التاريخ و تعمها قصائد أبي فراس : أراك عصي الدمع شيمتك الصبر / أما للهوى عليك نهي ولا أمر ؟؟


في 1980 م تخضبت هذي الهضاب بدماء الشهداء ، و أيضا افتتح د . نبيل مارتيني و زوجته مشفاهما هنا لمعالجة رمد العيون ! المارتيني نسبة لمرتين - سيدة التين - قرية غربي إدلب ، ولا صلة لها مع مارتين لوثر المصلح اللاهوتي ، لكن المارديني و الماردنلي و الماردل نزحوا من مدينة ماردين العربية التركية ، بينما عائلة المراديني و المرادني - كما أخبرني الصديق عادل مراديني - فهو اسم يعود لمهنة تصنيع المردن الذي يستخدم في مكائن النسيج القديمة . و هناك في حي الحمدانية فندق المارتيني كورال الذي افتتح في 22 / 1 / 2012 م ، و الذي نفذه المهندس مصطفى مارتيني


فندق الميريديان تمتلكه وزارة السياحة واستغرق تعميره 15 سنة ، افتتح في 1989 م و أدارته على مدى عقدين شركة الشام للفنادق التي أدارت أيضا حمام يلبغا الناصري - أمام القلعة - و هي للملياردير الدمشقي الأعزب عثمان العائدي ، وقد أطلقت على الميريديان اسم ( شهباء الشام ) إنما بقي الحي محبا لحبيبه الأول ، مثلما بقيت أنا محبا لجامع السلام الصغير - أول طلعة الهندسة - المجاور لبيت صديقي الشهيد مهند وفائي ( يقع تحت إحدى العمارات و كان يخطب فيه الشهيد موفق سيرجية و أحيانا الشهيد د . عماد حبيب و معظم الوقت الأستاذ البحاثة الشيخ مجد مكي )


من الميريديان في 3 / 6 / 2011 م انطلق أحرارها بمظاهرة صاخبة انتصارا لثورة حوران ، وأيضا في 23 / 6 و في 5 / 8 من جامع الأنوار ، و حتى 27 / 3 / 2013 م حين هب جامع الدرويش عن بكرة أبيه - أنشأته المحسنة العربية شيخة بنت جاسم الدرويش وافتتح في 1432 ه - و مرورا بمظاهرة الهندسة في 16 / 2 / 2012 و عشرات المظاهرات الهاتفة : على الجنة رايحين شهداء بالملايين .. شهداء لم يخافوا القنص و السواطير ، معاذ لبابيدي و علاء الأحمد و باسم مارتيني و غيره و غيره ! في صباح 26 / 8 / 2012 م أمطر الأسد حي الميريديان 40 قذيفة مدفعية


بتاريخ 5 / 8 و 14 / 8 / 2012 م كانت الدبابات تدعس سيارات المارتيني ، إنه الرد التقليدي على الأحرار منذ مظاهرة 21 / 11 / 2011 .. كما أن منع الأذان من جامع العشرة المبشرين هو الرد على مظاهرة 7 / 7 / 2012 م ، في 3 / 5 و 14 / 7 و 22 / 7 قبيل الإفطار ومظاهرات شارع القصور و مظاهرات الكواكبي ، هي كلها انتفاضة الحق على الباطل و الخير على الشر و الصلاح على الفساد و الحسين على يزيد !! ثانوية رجب قرمو للبنات لا تستحق اسم الموجه الشهير بالأذى و التقارير، والذي اغتاله ثوار الثمانين .. كما أن سورية لا تستحق اسم الأسد إلى يوم يبعثون

كرم الطراب

على أوتستراد مطار حلب الدولي مابين كرمي الميسر و الجزماتي ، يقع ( كرم الطراب ) الحي الفقير في المال و الغني في النفس ، والذي كان من مزارع الفستق و المشمش و الجوز و اللوز لخصوبة أرضه و وفرة مياهه . وصفته جريدة الجماهير في 14 / 1 / 2009 م بتجمع العصر الحجري ، و وصفه أحد الناشطين عندما شاهد مدى الدم و الدمار فيه أنه يماثل خراب برلين سنة 1945 م .. و بالنسبة لي أصبت بالشقيقة و أنا أراجع ما أتيح لي من معلومات عن الطراب

أتذكر جيدا ( أحمد الطراب ) قريب جدتي ، كان سائقا في فرع أمن الدولة 322 أعطاه معلمه العقيد علي سعد الدين مهلة 48 ساعة للقبض على أخي فخر الدين - رحمه الله - و إذا لم يستطع تنفيذ المهمة فليأت بكفنه و ينزل للقبو ، لأنه سيشنقه بيديه !!!! مضت من المهلة 24 ساعة و ذهب الرجل لتوديع زوجته و أولاده ، و إذ بالعقيد سعد الدين مدعوسا مع مرافقيه بشاحنة نفط قرب القطيفة أواخر سنة 1979 م
عشوائيات و أحوال مدقعة في الكرم ، معامل صفائح التنك و الأصبغة الكيماوية تلوث الدنيا ، و على عكسها مظاهر البذخ المخلوفي التي تزكم الأنوف . مدرسة كرم القصر الوحيدة و المجاورة مسبقة الصنع و مسبقة التخلف و البؤس ، لاشيء هنا يوحي بالنبض سوى جامع كرم الطراب شبه المهدم الذي تنادي حجارته أمة محمد و أمة الإنسانية : واإسلاماااااااااااه


الطفلة الشهيدة سلوى طعمة - 4 سنوات - ستسأل يوم القيامة : بأي ذنب قتلت ؟؟ الشهيدة سوسن نايف ، الشهيد صبحي علاف ، الشهيد هيثم مؤذن ، الشهيد عادل مصري ، الشهيد يوسف البكري ، الشهيد مدين الطجمة .. القصف الوحشي في 20 / 8 / 2012 م ليس على تل أبيب ، بل على هذا الحي المتواضع الذي أطلق على اسم أحد مساجده ( المغفرة ) لأنه لم يعرف سوى المغفرة ، حتى لمن مكث عشرات السنين يمص دمه و عرقه 


الراجمات التي تقصفه بكل الحقد الدفين و الشر الشيطاني في 31 / 12 / 2012 م أرادت أن تحتفل برأس السنة على طريقتها ، و المجزرة المروعة في 13 / 2 / 2013 م غيض من فيض نظام اللعنة و الفجور .. كرم الطراب سيبقى طرابا في أناشيد الشموخ و البطولة و لن يعود ترابا مهما فعلوا

الثلاثاء، 19 مارس 2013

بستان الزهرة

كأنه من حسنه زهرة .. كأنها من حسنها بستان
في الطريق إلى وسط المدينة ، و بعد الملعب البلدي بجانب محطة المحروقات ، يقع موقف باص ( بستان الزهرة ) الحي الذي أنشئ على مساحة من الروابي و الحقول المنتشرة على ضفتي النهر ، جنوب الفيض و شمال بستان القصر ، غربي المشارقة و شرقي الأنصاري ، أواسط الخمسينيات الميلادية


بستان الزهرة ، متنزه أبي فراس الحمداني و أحلى متنزهات حلب القديمة التي عاث فيها ( نقفور ) فسادا سنة 962 م ، مررت منه و حواليه مئات المرات ، و أعجبت باسمه الأنيق الناعم و تمازجه العمراني ما بين أبنية سكانية و محلات تجارية و خصال تقطن مع شقائق النعمان ، أعظم هذه الخصال ( الحرية ) التي راح الزهراويون يبحثون عنها و يستشرفون حضورها ، أسوة بكل سورية و السوريين
زهرة الحرية تفتحت هنا بمظاهرة الأحرار في 2 / 12 / 2011 م ، و في جمعة المنطقة العازلة 20 / 12 / 2011 م ، و في الإضراب الشامل التام يوم السبت 2 / 6 / 2012 م . حرائر الحي شاركن في مظاهرة 17 / 7 / 2012 م لله درهن ، و تجليات التمرد على الظلم و المظالم تترى .. يقولون يا ظالم لك يوم


هو من الأحياء التي تحب العيش و تحب الكرامة ، مدرسة خديجة الكبرى للبنات تميزت بصفحتها على الفيس بوك ، و أرتال الشهداء مهرما أعظمه من مهر . العشرات قضوا هنا قصفا و قنصا منهم الطفل ذو السبع سنوات عند جامع حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - في 3 / 10 / 2012 م ، و الشهيدة ثناء العمر ذات العشرين ربيعا التي أصابوها في 23 / 2 / 2012 م فبادر 4 من الثوار المسلحين شهامة و فدائية لإنقاذها ، فاستشهدوا جميعا !!!! الشهداء أحمد ركبي و أمير شاهين و عمر الشريف و محمد عربية و محمد نديم صافي ، هم بعض أهلنا و بعض دمنا المقدس المهراق .. الراجمات و الطائرات الإبليسية البهلوانية تصب نارها و عارها على أنحاء بستان الزهرة في 26 / 8 / 2012 م ، كراج الحجز نقطة تماس مؤقتة مابين الثوار و أوباش الأسد ، مابين بستان الزهرة و المنشية الجديدة


كل ما تفعله ( لن ) يكسر الروح يا بشار العار ، نحن نحب الحياة أكثر مما تحب الموت ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر

العبارة .. في حلب

حي ( ا ل ع ب ا ر ة ) رمز لوداعة حلب و لحبرها الجوري الذي لا ينفد ، هو يتوسط كل المدينة وسطية و صندوق عجائب و ذكريات .. تجاري سكني سياحي سياسي ، يمثل نبض الحياة و حيويتها . منه تعبر لأنحاء الشهباء في اتجاهاتها الأربعة : العزيزية و قويق شمالا ، و بستان الكلاب و الكتاب جنوبا ، و المنشية و التلل شرقا ، و شارع بارون و ساحة سعد الله الجابري غربا . ضريح الفيلسوف السهروردي من ناحية ، و سينما أوغاريت من ناحية !! مبنى الأوقاف و مقر حزب البعث و من تحته محل الشهيدين الشريكين الرائعين ، عبد العليم صباغ و د . نذير زرنجي ، لبيع الألبان و أجبان الحلوم 

جامع العبارة بمنارته المربعة الأنيقة ، صممه المهندس مصطفى اليازجي و افتتح سنة 1965 م ، مؤذنه الأول فنان الإنشاد صبري مدلل - كان إمامه جارنا في سيف الدولة من فلسطين شديد السمار ، توفي كهلا و شاهدت جنازته و بقيت بعدها سنوات أتوهمها ليلا ، رحمه الله - و على بعد خطوات الكنيسة العتيقة الرابضة بتخومه تسمع أجراسها ممتزجة بنسيج التسامح و الإلفة العميقة ، و على زاويتها وكيل ( أكاي ) الذي اشتريت منه نسخ الكاسيت لتسجيل أشرطة أبي الجود ، مرات كثيرة . و على امتداد جادة الخندق محلات السمان و الصباغ ، و أروع مذاق للشيكولاتة و جوز الهند


كل شيء يوحي بالعبور و التنوع و التألق ، لكن الفراق ضيف اللقاء ، فالعبارة صغيرة و هادئة و شاهدة عيان ، عماراتها الوقفية مثار التباس و ارتياب مالي منذ إدارة د . صهيب الشامي ، و بعض مصالحها الصناعية صودرت بحجة أن أصحابها من ( عصابة ) الإخوان المسلمين !! مكتب جبهة التحرير الأرترية أغلق أبوابه و فرع البعث - القائد للدولة و المجتمع - ذهب لمنطقة أخرى و لم يعد ، و جريدة الجماهير بلا جماهير 


القنص و القصف و القتل المجاني و الدماء التي تسقي أرصفتها و أشجارها ، ديدن يوميات العبارة .. و حتى يحصل العبور و التغيير