الاثنين، 29 أبريل 2013

ال 7 بحرات

كتبت سابقا في مجلة ( المجتمع ) الكويتية عن السبع بحرات الشام ، و بعد تفجير 8 / 4 في الساحة التي تأسست سنة 1925 م - كان اسمها الكابتن ديكار بانتري - أتناول ساحة السبع بحرات في حلب الشهباء ، التي باتت تضخ الدم من نوافيرها بدل الماء العذب الصافي
السبع بحرات ، صممتها السيدة المهندسة من آل الجابري أوائل الستينيات ، في عهد رئيس البلدية عبد الغني السعداوي ، فصارت سريعا من أشهر الميادين و الساحات


السبع بحرات ، تجمع بين عبق الماضي ( منطقة الدباغة القديمة شمال غرب القلعة ) و بين حداثة الحاضر المقبوض عليه ، حيث الصرافة و التجارة و مصالح الناس


السبع بحرات ، طلعة البنك و شارع السجن و إطلالة الأموي و خاصرة الخندق ، كم هزتني صغيرا مشاهد الأهالي ينتظرون دورهم في زيارة ذويهم السجناء و المحتجزين


السبع بحرات ، جامع الدباغة العالق بالذاكرة أو الرومي المبني قبل 7 قرون بالتمام و الكمال ، أو حمام السكر و جامع النبي شمعون في سويقة حاتم ، أو مسجد البكفالوني


السبع بحرات ، و أكبر حاجزدموي للوحدات الخاصة و علي حيدر أيام 1980 م ، كم و كم سقط من الشهداء هناك من آل كرزون و دبابو و العنداني و الإدلبي و غيرهم


السبع بحرات ، و حرائق الأسد الأزعر تلتهم مؤسسة التأمينات و المعاشات و الرقابة و التفتيش ، تلتهم مقر الكاتب بالعدل و النفوس .. ألسنة النيران و النيرون تلتهم شارع الفريق الشهيد عبد المنعم رياض 1919 - 1969 م
السبع بحرات ، و الشهداء بالعشرات منهم إبراهيم حموي و أيمن المنلا و باسل وفائي و باسل ياسين و صابر حميدة و صلاح البزيعي و عبد اللطيف الجمال و محمد ويسي و مصطفى سلوم و يوسف هنداوي ، رضوان الله عليهم

المارتيني .. و الميريديان

المحضر الممتد من الفيض و خط القطار شرقا و حتى الفرقان و طريق الجامعة غربا ، و من الإذاعة و الحريري جنوبا و حتى كلية الهندسة و نزلة أدونيس شمالا ، كأنه الهلال في انحنائه و بزوغه . عدة مناطق حديثة تتجاور و تتصافح ، المارتيني ، الميريديان ، الكواكبي ، الهجرة و الجوازات .. لكن أهالي المارتيني و الميريديان لن يهاجروا و لن يستخرجوا باسبورات
أيام في السبعينيات و أبي و أشقائي جلوس على تلك السفوح الصخرية قبالة مشفى حلب الخاص أو مشفى هنانو ، أشجار السرو تطاول نجوم السماء الصافية ، في مدينة يعمها السلام و يعمها التاريخ و تعمها قصائد أبي فراس : أراك عصي الدمع شيمتك الصبر / أما للهوى عليك نهي ولا أمر ؟؟


في 1980 م تخضبت هذي الهضاب بدماء الشهداء ، و أيضا افتتح د . نبيل مارتيني و زوجته مشفاهما هنا لمعالجة رمد العيون ! المارتيني نسبة لمرتين - سيدة التين - قرية غربي إدلب ، ولا صلة لها مع مارتين لوثر المصلح اللاهوتي ، لكن المارديني و الماردنلي و الماردل نزحوا من مدينة ماردين العربية التركية ، بينما عائلة المراديني و المرادني - كما أخبرني الصديق عادل مراديني - فهو اسم يعود لمهنة تصنيع المردن الذي يستخدم في مكائن النسيج القديمة . و هناك في حي الحمدانية فندق المارتيني كورال الذي افتتح في 22 / 1 / 2012 م ، و الذي نفذه المهندس مصطفى مارتيني


فندق الميريديان تمتلكه وزارة السياحة واستغرق تعميره 15 سنة ، افتتح في 1989 م و أدارته على مدى عقدين شركة الشام للفنادق التي أدارت أيضا حمام يلبغا الناصري - أمام القلعة - و هي للملياردير الدمشقي الأعزب عثمان العائدي ، وقد أطلقت على الميريديان اسم ( شهباء الشام ) إنما بقي الحي محبا لحبيبه الأول ، مثلما بقيت أنا محبا لجامع السلام الصغير - أول طلعة الهندسة - المجاور لبيت صديقي الشهيد مهند وفائي ( يقع تحت إحدى العمارات و كان يخطب فيه الشهيد موفق سيرجية و أحيانا الشهيد د . عماد حبيب و معظم الوقت الأستاذ البحاثة الشيخ مجد مكي )


من الميريديان في 3 / 6 / 2011 م انطلق أحرارها بمظاهرة صاخبة انتصارا لثورة حوران ، وأيضا في 23 / 6 و في 5 / 8 من جامع الأنوار ، و حتى 27 / 3 / 2013 م حين هب جامع الدرويش عن بكرة أبيه - أنشأته المحسنة العربية شيخة بنت جاسم الدرويش وافتتح في 1432 ه - و مرورا بمظاهرة الهندسة في 16 / 2 / 2012 و عشرات المظاهرات الهاتفة : على الجنة رايحين شهداء بالملايين .. شهداء لم يخافوا القنص و السواطير ، معاذ لبابيدي و علاء الأحمد و باسم مارتيني و غيره و غيره ! في صباح 26 / 8 / 2012 م أمطر الأسد حي الميريديان 40 قذيفة مدفعية


بتاريخ 5 / 8 و 14 / 8 / 2012 م كانت الدبابات تدعس سيارات المارتيني ، إنه الرد التقليدي على الأحرار منذ مظاهرة 21 / 11 / 2011 .. كما أن منع الأذان من جامع العشرة المبشرين هو الرد على مظاهرة 7 / 7 / 2012 م ، في 3 / 5 و 14 / 7 و 22 / 7 قبيل الإفطار ومظاهرات شارع القصور و مظاهرات الكواكبي ، هي كلها انتفاضة الحق على الباطل و الخير على الشر و الصلاح على الفساد و الحسين على يزيد !! ثانوية رجب قرمو للبنات لا تستحق اسم الموجه الشهير بالأذى و التقارير، والذي اغتاله ثوار الثمانين .. كما أن سورية لا تستحق اسم الأسد إلى يوم يبعثون

كرم الطراب

على أوتستراد مطار حلب الدولي مابين كرمي الميسر و الجزماتي ، يقع ( كرم الطراب ) الحي الفقير في المال و الغني في النفس ، والذي كان من مزارع الفستق و المشمش و الجوز و اللوز لخصوبة أرضه و وفرة مياهه . وصفته جريدة الجماهير في 14 / 1 / 2009 م بتجمع العصر الحجري ، و وصفه أحد الناشطين عندما شاهد مدى الدم و الدمار فيه أنه يماثل خراب برلين سنة 1945 م .. و بالنسبة لي أصبت بالشقيقة و أنا أراجع ما أتيح لي من معلومات عن الطراب

أتذكر جيدا ( أحمد الطراب ) قريب جدتي ، كان سائقا في فرع أمن الدولة 322 أعطاه معلمه العقيد علي سعد الدين مهلة 48 ساعة للقبض على أخي فخر الدين - رحمه الله - و إذا لم يستطع تنفيذ المهمة فليأت بكفنه و ينزل للقبو ، لأنه سيشنقه بيديه !!!! مضت من المهلة 24 ساعة و ذهب الرجل لتوديع زوجته و أولاده ، و إذ بالعقيد سعد الدين مدعوسا مع مرافقيه بشاحنة نفط قرب القطيفة أواخر سنة 1979 م
عشوائيات و أحوال مدقعة في الكرم ، معامل صفائح التنك و الأصبغة الكيماوية تلوث الدنيا ، و على عكسها مظاهر البذخ المخلوفي التي تزكم الأنوف . مدرسة كرم القصر الوحيدة و المجاورة مسبقة الصنع و مسبقة التخلف و البؤس ، لاشيء هنا يوحي بالنبض سوى جامع كرم الطراب شبه المهدم الذي تنادي حجارته أمة محمد و أمة الإنسانية : واإسلاماااااااااااه


الطفلة الشهيدة سلوى طعمة - 4 سنوات - ستسأل يوم القيامة : بأي ذنب قتلت ؟؟ الشهيدة سوسن نايف ، الشهيد صبحي علاف ، الشهيد هيثم مؤذن ، الشهيد عادل مصري ، الشهيد يوسف البكري ، الشهيد مدين الطجمة .. القصف الوحشي في 20 / 8 / 2012 م ليس على تل أبيب ، بل على هذا الحي المتواضع الذي أطلق على اسم أحد مساجده ( المغفرة ) لأنه لم يعرف سوى المغفرة ، حتى لمن مكث عشرات السنين يمص دمه و عرقه 


الراجمات التي تقصفه بكل الحقد الدفين و الشر الشيطاني في 31 / 12 / 2012 م أرادت أن تحتفل برأس السنة على طريقتها ، و المجزرة المروعة في 13 / 2 / 2013 م غيض من فيض نظام اللعنة و الفجور .. كرم الطراب سيبقى طرابا في أناشيد الشموخ و البطولة و لن يعود ترابا مهما فعلوا