الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

فسيفساء السريان

حوالي الساعة 16 من يوم الوقفة 25 / 10 / 2012 م ، قبض الثوار على شخص حاول ركن سيارة مفخخة في أحد شوارع ( السريان ) بحلب .. تماما كما حصل بمنطقة باب توما الدمشقية ، عندما أودى انفجار بعشرات المسيحيين

الحقبة السريانية حقيقة أعمق من العبث ، هي جزء تاريخي و حضاري و ديمغرافي من الهوية الوطنية ( مئات الكلمات الحلبية سريانية : انبلش ، باظ ، ببو ، بعق ، برطوش ، جهجه ، دبق ، شطف .. إلخ ) و الكنيسة السريانية - خاصة الأرثوذكسية - أقدم الكنائس المعروفة ، فهم ليسوا بالجالية كما يشاع ، و إن كان الحي أنشئ إثر هجرة أهل أورفا و الرها ، في عهد مرعي باشا الملاح - 1856 / 1930 م - غربي محطة بغداد و شرقي شارع فيصل و جامع الرحمن و جنوبي الشيخ مقصود و الأشرفية


أبجديتي هنا قصص الصديق المهندس عبد الحنان عن شقيقه خليل ( استشهد في مجزرة تدمر 27 / 6 / 1980 م ) و شباب الرحمن .. و كذلك دار الأيتام و مديرها الأستاذ مجاهد شعبان ، رحمه الله ( أحيانا يذهب لها منتصف الليلة الماطرة لحاجة يتيم أو مرض نزيل ) ! ثم فرع المخابرات العسكرية الشهير و رئيسه مصطفى التاجر القادم من ريف اعزاز ( المقر كان معملا للجوارب صودر من مالكه يوسف مشخص فترة التأميم ) و .. المارثون الكشفي السنوي في 6 حزيران ، و أول كنيسة من الخشب سنة 1925 م


السريان الجديدة و القديمة و أطلال الأمن و الحرش ، حي فسيفسائي من المسيحيين و مذاهبهم و المسلمين الأكراد و العرب و التركمان ، خليطه التعارف و التعايش و التعاون و التسامح . في 30 / 9 / 2011 م خرج يهتف بكل الألسنة : يا رستن حلب معاك للموت !! و في 20 / 10 / 2011 م خرج يرد على دعاوى التأييد و مسيرات الزيف


انتشر القناصون على سطح مستشفى ابن رشد ، و احتل الشبيحة المستشفى السوري الفرنسي ، و أخذت ثكنة المهلب القريبة تدك المنطقة بكرات اللهب و موسيقى الجنائز ، و مع ذلك فإن مظاهرات جامع إبراهيم بن أدهم لم تخف أو تختفي .. سقط شهداء كثر يوم 10 / 9 / 2012 م منهم الطفلة روهان شيخو - 10 سنوات - و أصبح السريان نقطة تماس


المستبد الضليل يمارس الطائفية و يزكيها ثم يتهم شعبه بها .. يسوق أولادنا للتجنيد حتى يقتلنا بهم !.. عجبي من عبقريته منتهية الصلاحية


قصته مع الأقليات تشبه قصة القرد و كعب الجبنة

العرقوب .. لا تتثاءب

إبراهيم كريم - أحمد الحجي - أيمن السعدي - حامد حوت - خالد أبو هشام - عبادة جمعة - عبد الناصر عقيل - عبد الحليم الغفاري - عبد الكريم عسكري - عدنان الفروح - عمر عبد العزيز - شفيق العطية - محمد النجار - محمود سفراني - محمود الفرج .. هؤلاء من شهداء ( العرقوب ) في حلب ، بهم نزدهر و ننتصر و نفتخر! كل حرف من أسمائهم التي أحب و أعشق ، يعدل آلاف الصفحات و المعلقات . ترجلوا رجالا نصغر أمامهم ولا نكاد نبين ، عليهم تحيات الله و خلوده

العرقوب : موضع الإنحناء من الوادي و طريق الجبل أيضا .. عرفته حيا لا يهدأ من ضجيج المعامل و المصانع ، حتى يكاد يخلو من السكينة و السكان . في أعلاه جامع الأنصار الذي افتتح سنة 1976 م ( كان خطيبه الرجل الصالح عبد الباسط حسون ) و قد قصفت منارته البديعة في 14 / 9 / 2012 م ، و في أدناه دار الأفراح و تكية و مزار شيخ الطريقة الوفائية الصوفية أبي بكر الوفائي ( ت 991 ه ) ، و على مشارفه الجنوبية المرتفعة ثكنة هنانو و البختي و جنة جبل العظام ( فيها قبر القارئ النقشبندي محمد بشير دحدوح ، و الداعية أبو الأمين محمد بشير كرمان ، و يوم 29 / 3 / 2012 م ووري ثراها الطالب الجامعي الشهيد أنس سمو ) .. و ما بين الميدان و أقيول و الأحياء المحيطة ، تتميز منطقة العرقوب بفاعليتها و إنتاجيتها ومعتركها و نبضها المستدام


المسخوط الإسخريوطي دك فيها جهارا نهارا 25 معملا و منشأة بتاريخ 14 / 9 / 2012 م ، و قبل ذلك بيوم واحد أحرق مشفى الأطفال عن بكرة أبيها .. شركة الماء و جامع القرآن الكريم و بسمة عمي الحاج ديب - الصناعي العصامي - و الرمضانية و النسيج و البلاستيك و الخردوات وما ينفع الناس و يسعدهم ، كلها أهداف حربية لبراميل البارود و الشيطان الرجيم
العرقوب لا تتثاءب .. ولا تنهزم

السبت، 27 أكتوبر 2012

بستان الباشا

تصبب العرق على جبين و عيني ( رجب باشا ) أخذ زفرة عميقة و وضع طربوشه جانبا ، لم يصدق ما رأى ، لم يصدق ما قرأ .. بستانه الأثير على ضفاف النهر ، صار شوارع و عمارات يقصفونها بالطيران و المنجنيق ! و أهل حلب الذين تولى ولايتهم سنوات عديدة في القرن الثامن عشر ، تتناثر دماؤهم و صرخاتهم و آهاتهم

أمر مرير أن تبلغ أموال و أملاك عائلة الأسد 122 مليار دولار ( هذا ما أكدته أنفيستوبيديا 20 / 10 / 2012 م ) لو قسمت على 23 مليون - سكان سورية - تصبح حصة كل نسمة 5300 دولار كاش ، ما يعادل مجموعه نصف ميزانيات الدولة منذ 1970 م . حق للشعب الغاضب أن يثأر من فقره و من حرمانه و من عذاباته ، أن يهرب من موته اليومي و إفك الأفاكين و المرابين وكفرة الشرف
بستان الباشا و الثروات المنهوبة و أسى الأجيال ، عناوين الإعلام و الحقيقة المشرئبة ، فهذا الحي الشامخ ثورة و شهامة و شهادة ، استعصى على القبر و استعصى على العطش . قصفوا معالمه المستحدثة و قصفوا أنبوب مياهه ( 8 - 9 - 2012 م ) تاريخه الرفيع و تضاريسه المرتفعة و تموضعه الاستراتيجي ، أزعج و أوغل الغول ، سيما و أن جواره الهلك شمالا و الشيخ خضر شرقا و الشيخ مقصود غربا


كمال شوان يختصر القصة عندما قنصوه عمدا في قلبه 8 / 8 / 2012 م ، لكن براميل البارود تشرح منسوب المجازر و ورطة شيخ كار القصابين .. في 27 / 8 انتشال الشهداء من تحت الأنقاض ، في 29 / 8 تدمير المباني الآهلة ، في 31 / 8 عشرات الشهداء و المصابين ، في 5 / 9 عشرة شهداء ، في 21 / 9 تدمير 3 عمارات


أطفال مدرسة الصباغ في 4 / 3 / 2012 م قتلى و جرحى ، طفل بعمر السنة و طفل بعمر الشهرين و امرأة استشهدوا بقصف 28 / 8 / 2012 م ، الطفل ماهر مطر - 10 سنوات - قتلوه بقصف مشفى زاهي أزرق .. الدخان الكثيف يغطي سماء بستان الباشا في 11 / 10 / 2012 م ، و اليوم أيضا تحت لافتة الهدنة


مشفى فرح اسم طريف للواقع القائم ، لم يستطيعوا حرقه . كما لم يستطيعوا طمس سرايا رجب باشا - قرب جادة الخندق - و التي تحولت لمديرية الثقافة

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

الميدان .. والمداهمة

سلام من ( ميدان ) حلب ، لميدان دمشق الفيحاء

سلام من ( ميداني ) حلب و الشام ، لميدان تحرير قاهرة المعز ، حيث المسجد و الكنيسة و البرلمان


بعد الحرب العالمية الأولى في 1918 م تقريبا ، ابتدأت هجرة الأرمن و الأروام لمدينة حلب و سواها . استوطنوا منطقة ذات خصب و خضرة اشتهرت بعدها باسم ( براكات الأرمن ) هي مابين ذراعي سليمان الحلبي غربا و السليمانية شرقا ، و الجابرية جنوبا .. كأنها موضع الكبد من الجسد أو البلد


ترمز بكل سوابقها للتسامح الديني و الوطني ، و تبرز فيها المسحة الأرمنية و مهنة ترميم المركبات . وجد فيها النظام - سنة 1980 م - موطئ قدم ، فزرع لمصاصي الدماء اللطفاء مقر المداهمة و الاقتحام ( هو يتبع الوحدات الخاصة في الجيش و يأتمر من المخابرات العسكرية ) ! صار حي الميدان القمقم ، و فرع المداهمة .. العفريت
هبت رياح الغيرة و التغيير على ( الميدان ) و كانت أولى احتجاجاته من جامع شبارق في 31 / 5 / 2011 م ، ثم ابتكر فكرة المظاهرات الطيارة ( السريعة ) فكانت شبه يومية ، كما في 2 و 3 و 4 / 8 / 2011 م . لكن أهم مظاهراته انطلقت منذ 19 / 6 / 2012 م ، و ما بعد ذلك


طال القصف كل دور السكنى و العبادة ، في ذمة الله ضحاياه الكثر ، ومنهم السيدة التي قنصوها قرب دار العجزة يوم 10 / 9 / 2012 م . و كذلك إيلينا مخجيان التي شيعت من كنيسة القديس كريكور في 27 / 8 / 2012 م ، كانت تمشي في الطريق فتسلوا بقتلها
دمار الميدان بقصف 28 / 9 / 2012 م و احتراق المباني المأهولة في 13 / 10 / 2012 م ، و الشهداء الأحباء مصطفى رجب و محمود بكور و محمد الموسى و سامي سكران و حبيب مروش و أحمد الخلف و عمر حز و لؤي الحلبي و عبد السلام ناصر و عبد القادر جسري ، كلهم عطروا بدمائهم الزكية أنحاء الحي .. أيضا الشهيد عبدو الشيخ الذي قتلوه قرب مديرية الزراعة في 6 / 10 / 2012 م


دار المعلمين و خان الزيتون و كل معالم الميدان باقية و ستشاد ثانيا و عاشرا ، لكن فرع المداهمة .. إلى مزبلة التاريخ

الأحد، 21 أكتوبر 2012

خان العسل

حياتنا كالدفاتر البيضاء ، تلونها أصبغة .. الزمن

خان العسل ، البلدة الوثيقة الوديعة المنتمية لجبل سمعان جنوب غرب حلب ( صارت أحدث ضواحيها ) ! عرفناها ترقب طريق الشام و إذ بها ترقب طريق الحرية ، قامت تقول للنخاس ( لا ) ودعته بتلويحة قدميها . لكنه فخخ أنهار العسل و اللبن بالبكاء و الدم الأحمر ، شجار علا على أشجار السرو و الصنوبر ، حتى غابة الصداقة السورية الصينية ( 12 دونم افتتحت في 2 / 2 / 2012 م ) تجدها تحدق في أثوابها الممزقة


مطلع سنة 1973 م أخذونا إلى هناك ، ننتظر أبي و أمي العائدين من رحلة الحج - كعادة الحلبيين - أقاموا لأمي في بيتنا ( قرنة ) كالعرش المتوشح بالأضواء ، أجلستني يمينها و على شمالها أجلست أختي آخر العنقود . فرحنا بالهدايا الحلوة ، و منها دمية تلفاز نشاهد منها صور الحرمين الحبيبين .. آآآآه كيف تصبح الذكريات مجرد صدى داخل دهاليز تنهار ، قبل أيام فقط أحرقوا منزلنا في سيف الدولة ، شعرت أن أحلامي برؤيته تذبح ذبحا


انتشرت المزارع العائلية و المساكن الراقية في هشيم خان العسل أواسط الثمانينيات ، تماما كانتشار مظاهراتها السلمية و الحضارية و الشريفة ( انظروا على اليوتيوب مظاهرات جامع يوسف و جمعة كذا و جمعة كذا ) .. اختزن النخاس حقده الدفين و أرسل ما نراه ، طيران الميغ يقصف بالجملة كل شيء ، وكذلك المدفعية الثقيلة ، قصفوا حتى مدرسة الشرطة


في غارة 20 / 7 / 2012 م استشهد جمال كسحة و جمعة قرنفل و حسين حايك و عبد الناصر بركات و مضر عكوش
في قصف 4 / 8 / 2012 م قتلوا الشهيدة أمينة صنديل ، و زياد صنديل - 13 سنة - و مصطفى العمر و طفل بعمر السنة الواحدة ، لم أعثر على اسمه
في غارة 31 / 8 / 2012 م استشهد الطفل محمد رياض ناصر - 8 سنوات - كان يحتفل قبلها بعيد ميلاده ، آخر احتفال
في قصف 9 / 9 / 2012 م استشهد صلاح البني ، و البطل المجند المنشق من درعا ( حسين مبارك ) تعظيم سلام لحوران الغالية و تضحياتها الخالدة
في غارة 25 / 9 / 2012 م قتلوا الطفلة ليالي زعرور - 4 سنوات - و قتلوا محمود البدوي و قتلوا و قتلوا
في قصف 16 / 10 / 2012 م استشهد الطفل عبدو وراق - 12 سنة - و استشهد و استشهد


قريبا جدا ، يعود العسل إلى خانه .. قريبا جدا ، يطلق سراحك سورية

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

دماء القصيلة

أمضيت أياما في ثانوية هنانو بحي ( القصيلة ) و أياما بالقرب منها في الثانوية الشرعية - أبو النصر البيانوني ، الشيخ الشهيد رحمه الله ، أجرى لي وقتها امتحان القبول - ثم أياما في ثانوية الكواكبي ، إلى أن استقر بي المآل في ثانوية القنيطرة ، القريبة من بيتنا و من حديقة سيف الدولة .. كنت في الصف الأول المتوسط

الاسم / في المصادر هي ( القصيلة ) الأرض المزروعة بالشعير ، أو الفصل ما بين السور و الدور . لكن الناس يسمونها : الأصيلة

المكان / جنوب قلعة حلب ، و شمال حي الصالحين
الولادة / في يوم ما ، ق . م


تشعر بها صرخة صمت و هيبة ، و بيوتاتها العربية التقليدية تحمل لمسات القرون المتتابعة ! الأصيلة اليوم تضمخت دماء أبنائها بدماء أحجارها ، الأصيلة اليوم أودعت أمرها إلى الله .. هل تراهم دمروا جامع الطواشي ( جامع آل سلقيني ) المبني في عصر المماليك أواسط القرن الثامن ؟
هل تراهم دمروا حمام الشقتمر ، المشاد سنة 177 ه ؟؟
هل تراهم دمروا المدرسة الصاحبية و باب المقام ؟؟؟
هل تراهم دمروا سوقها و سبلها ، و سلامها ، و حمامها ؟؟؟؟


محمد قزموز قتلوه في قصفهم للمبنى المجاور للقصر العدلي يوم 6 / 8 / 2012 م ، و محمود كردي أطلقوا عليه قذيفة هاون في 28 / 8 / 2012 م ، و كذلك قتلوا عبد الباسط جنيد و عماد العفورة و إيهاب جبولي و وليد عكو
قصفوا الحي و الأحياء - كعادتهم الذميمة - في 12 / 10 / 2012 م فقتلوا الطفل حمزة شرفو - 3 سنوات - و يوسف شرفو و محمود عساني و محمد حداد ، و قبيل ذلك في 10 / 9 / 2012 م قتلوا 3 شهداء في قصف الدوار
لا استجابة لمطالب الأصيلة و الشعب السوري ، و منها مظاهرة المحامين الأحرار يوم 24 / 5 / 2012 م ، فلا حياة لمن تنادي .. لقد أسمعت لو ناديت حيا

يا قاصف القصيلة قف : لماذا تدعي أنك تحميها ؟ قبحك لن تواريه الدماء السائلة ، و سحرك لن ينعقد - بعد الآن - بأكاذيب إعلامك

اللعنة عليك

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

باب الجنين

يحكي ابن شداد أن منطقة ( باب الجنان ) في حلب لا تضر فيها لسعة الأفعى ، لوجود طلسم برج الثعابين هناك !! هذا الباب المندثر حاليا خربه كسرى و نقفور و هولاكو و تيمورلنك ، و لم تزهق روحه إلى أن هدم آخر مرة سنة 1310 ه لتوسعة الطريق ( آخر بناء له في 820 ه و آخر ترميم في 918 ه ) في داخله جامع القصر القديم و ضريح الفيلسوف السهروردي ( 545 - 586 ه ) و قسطل أبي خشبة ، وهو يبعد عن باب أنطاكية مئات الأذرع نحو الشمال .. وقيل أنه كان يفضي لجنان حلب الغربية ، حيث نهر قويق و بساتين الفستق و الثمرات ، و على مشارفه الشرقية يربض جبل العقبة ( وجدوا كتابة هيروغليفية على بعض أحجاره ) و من الذاكرة المستعادة فإن أهم ملامحه الزحام و .. سوق العتمة ، تجد فيه أسماك الفرات و زيوت عفرين و ألبان حماة و سمنها الحديدي و حمضيات الساحل و زيتون إدلب و كرز أريحا و تفاح القصير - الصغير السكري - و دنيا الخيرات و الطيبات . كنت أقطع هذا السوق أيام الصيف في طريقي لمحل الحاج إسماعيل عطار - رحمه الله - بسوق الوزير ، كان صديق أبي أذهب لمعاونته تدريبا و تمرينا على أبجديات تجارة الأقمشة

آخر مرة شاهدت المنطقة في 1980 قرب المنشية الجديدة ، كانت شاحنة عسكرية تسحل جثمان أحد الشهداء ، أظنه من آل حماد أو الحجار ( وهل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها ؟ لا فض فوك يا ذات النطاقين ) إنه مشهد مروع يعكس سقوط الأخلاق و فجور القتلة


الملك الكذاب - من الثلاثة الذين توعدهم الله بالغضب - ورث المسالخ البشرية عن أبيه القصاب ، وأسقط برميلا للبارود فوق المارة في 2 / 10 / 2012 م صرع فيه 5 شهداء و عشرات الجرحى و النازفين ، منهم سيدة استشهدت قرب المصرف العقاري . كما اغتال قناصته من فندق الأمير امرأة من آل هورو يوم 5 / 9 / 2012 م ، و كذلك قتلوا بجانب فرع المرور الشاب حسام شوا .. كثير من الشهداء سقطوا هناك عرف منهم ، أحمد درويش و مصطفى درويش و إبراهيم الآغا و محمد جمال ، رحمهم الله

الجنان أو الجنين سيان .. تاريخ مندثر يرفض اندثاره

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

حلب الجديدة

تحمست و رفاقي للذهاب إلى ( حلب الجديدة ) تمشية مسائية من صلاح الدين ، ففيها فرع للحلواني ( مهروسة ) كما أكدت لهم ، و لما وصلنا بعد مسير ساعتين لم نجد إلا بعض الفلل الحديثة أو التي تحت الإنشاء . انتبه محمد أبو صالح ( الشهيد ) أنني أخطأت بقراءة عنوانه فهو : حلب الجُديدة - أي بضم الجيم - حيث محله الرئيس !! حينها صالحتهم ببديله ( كازوز ستيم ) المنعش ، كان هذا من بقايا الذاكرة الطفولية ، صيف سنة 1978 م .. و بعدها صارت أراضيها و عقاراتها بورصة للمساومات و المزايدات المبالغ فيها ، بفعل بعض شركات توظيف الأموال

في جمعة ( أحرار الساحل ) 12 - 10 - 2012 م خرجت مظاهراتها من مسجدي الشيخ عمر و الرحمة ، رغم قبضة أكبر مقر للأمن العسكري في حلب و ريفها .. لم تعد تحتمل مراقصة الأفاعي ، لم تعد تحتمل المزيد من النازحين
حلب الجديدة ، قلق على المصير و تمسك بالبقاء ( أكبر وأرقى أحياء حلب الغربية ، فيها جمعيات سكنية كثيرة ) تعيش اليوم مابين الحنان و القتل ، ترحيبا بالوافدين قسرا لبيوتاتها ، و خشية من رعونة القصف و البارود . إنها لحظة الذات و الحقيقة و الصداع المكتوب ، استنفرت مبكرا بمظاهرات عمر بن الخطاب و الشيخ عمر و أسيد بن حضير و الرحمة و النور و جل الجوامع و المدارس ، مدرسة موسى بن نصير و تقنيات الحاسوب ، و ميدان النيوتاون و المتنبي ( معذرة للشاعر العظيم المتنبي تغيير اسم مدرسته لمن هو أحق بها ، فالشهيد علي برغل كتب شعره بدمه و لم يكتبه بحبره ) !! خرج حرائرها في 17 / 2 / 2012 م يهتفن بحناجرهن كما الخنساء يوما ، كما سمية يوما ، كما نسيبة يوما


كانت منطقة الجديدة - بضم الجيم - شهدت حرق 4 أطفال أشقاء ، رآهم أبوهم متفحمين بنيران تلامذة الفرعون الذي أمر بذبح الأطفال و اختطاف النساء ، استشهد ( عبد القادر هاشم ) في اليوم التالي 4 / 10 / 2012 م بحلب الجَديدة ، رحمه الله و أولاده . الطفل ملهم المصري - 8 سنوات - و عمار باطوس و بلال خضير و محمود الويس و ياسين مصطفى و عمر سودة و محمد مستت و محمد شحود و فراس حاووط و محمد فاتح الشهابي ، كلهم استشهدوا في حلب الجديدة .. محمد شحود حطموا عظامه تحطيما في فرع المخابرات الجوية

حلب الجديدة .. تتحدى القيود و الحديد
سلام دامع له

السبت، 13 أكتوبر 2012

الشيخ مقصود !!


الشيخ مقصود ، و الشيخ خضر و الشيخ فارس و الشيخ نجار و الشيخ سعيد ، أسماء لأحياء حلبية تعود لبعض النساك أو المتصوفة . و في منطقة ( كفر جنة ) صعدنا لقمة أحد الجبال و زرنا هناك مسجدا صغيرا و قبرا لولي صالح غامض ، ربما كان ذلك سنة 1978 م 


حي الشيخ مقصود الكردي و العربي ، اشتروا أراضيه للبناء من الراحل ( محمد ناجي بصمه جي ) ستينيات القرن الماضي ، ثم جاءهم ( الصائل ) بقرار استملاك في 30 / 9 / 2010 م لطرد سكانه الكادحين الذين يزيد عددهم على المائة ألف نسمة !! و تاريخيا كان يطلق على هذه المنطقة الممتدة من عين التل شرقا و الأشرفية غربا ، و التي تقع أعلى شمال حلب : جبل السيدة و حي الخنساء . و على طول 2 كم في الشيخ مقصود غربي و شرقي ، راح أهلها يسابقون الوقت و الحلم و يتحاملون على آلامهم ، و كل نهار أنين يلملمون من معنوياتهم لخوض الخلاص الوطني ، مع أشقائهم في المدن و الأرياف الأبية


استشهد فيه العشرات منهم السيدة أمينة حسن بتاريخ 7 / 9 / 2012 م ، و الطفلة جوان نعسان ( 8 سنوات ) و أختها تولاي ( 6 سنوات ) و أختها شيرين ( 3 سنوات ) بذات القصف القاتل ، و في 30 / 9 قنصوا الشاب محمد حسن خيرو . و أكثر المشاهد إجراما عندما قنصوا تلميذ المدرسة يوم 6 / 10 / 2012 م ( كان يركض كعصفور مذعور حاملا حقيبته الصغيرة ) أحيوا يقتله ذكرى حرب تشرين التحريرية .. تبت أياديهم 


حكايات الشيخ مقصود لا تنته ، الرجل البخاخ جابر عثرات الثورة ، و إسعاف المصابين لمستشفيي المحبة و حنان في 9 / 5 / 2012 م ، و خطف الفنان صلاح الدين محمد في 16 / 6 / 2012 م ، و لجان الدفاع الشعبية ، و أوجلان ( المولود في 24 / 9 / 2012 بمدرسة رفعت الحاج سري ) الذي وصل الحياة نازحا مع أمه


رحم الله الشيخ مقصود ، الغابر
حفظ الله الشيخ مقصود ، الثائر

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

الحيدرية .. تستشهد

في أحد أيام 2006 م أرسل الأسد جرافاته و كساراته إلى حي ( الحيدرية ) في حلب ، و راحت تعيث فسادا و تخريبا في الدور و الدكاكين بحجة بنائها على أراض مستملكة لمجلس المدينة ! ( الحقيقة أن أصحابها أخذوا موافقة البلدية المسبقة ، وكان في الأمر صفقة فساد ) رأينا الصورة الشهيرة للمرأة العجوز وهي تنتحب كسيرة الخاطر ، بعدما ضربوها و طردوها و هدموا بيتها المتواضع .. لعلها انتقلت إلى رحمة الله فلم تشهد تدمير الحيدرية ببراميل البارود ، و انتشار الأشلاء البشرية مع الأغصان الممزقة

مجازر الحيدرية لا تنته ، و كأن في الأمر تصفية حساب من طرف حرامية الشعب ، ففي 4 / 10 / 2012 م استشهد في القصف 21 شهيدا ، عرف منهم : فياض و فاروق و شقيقهما الطفل ، أحمد عزيز ، أحمد العجيلي ، إبراهيم شوقي ، إسماعيل كهية ، عبد الله مايل ، علي عبد الله ، حاتم بصومة ، جوان عبدو ، محمد صبحي حجي ، و موسى العجيلي


في 7 / 9 / 2012 م قصفوا الحي بطيران الميغ 21 ، قياما و قعودا و على جنوبهم
في 15 / 9 / 2012 م قصفوا خزان المياه ، عل سكانها يقضون عطشا
في 20 / 9 / 2012 م قصفوا رجلا و طفلين ، بجانب صيدلية الحنون
في 29 / 9 / 2012 م قصفوا مدارس المنطقة ، حتى يعم الجهل و يسود التخلف .. و في 8 / 10 قتلوا الطفلين عبد القادر حنان و محمود حنان ، و أحمد أديب و أحمد الحاج ملك ، وهكذا


الحيدرية ، حي الشهادة و الشهداء ، مشكلته أنه أراد استخلاص حريته السليبة و ابتغى التغيير ، قابله النظام بمنطق التصفية و ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد . و لأنه من الأحياء الفاقهة و تسمى بلقب الإمام علي و حضرته حيدرية النجف ، ذهب لفضاء الوطن الواسع و تمرد على التبعية و الرق ، تعرضت جوامعه المعروفة الفتح و القادسية و صلاح الدين و النعمان بن ثابت ( قصفوا مئذنته المهيبة ) لكل التنكيل و العربدة ، ويوم 21 / 8 / 2012 م قذفوا دوار الحيدرية بأثقل أنواع المدافع و الصواريخ ، منها صاروخ روسي لم ينفجر صار لعبة للصغار 


يتميز بوشائجه المتينة مابين سكانه ، و بتمازجه السكني و الصناعي و شبابه المستدام ( نصف قرن فقط ) ، قريب من مدينة الشيخ نجار و عين التل ، شمال الصاخور و غربي مساكن هنانو و أقصى شمال حلب


الحيدرية تستشهد أو تنتصر ، لا تستسلم .. هكذا كتب أحرارها في لافتاتهم

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

ساحة سعد الله

قال الدجيما : و ما آفة الأخبار إلا رواتها !! هؤلاء سحرة البطلان في الإعلام الحجري الرسمي ألا يستحون ؟ شاهت الأقلام شاهت الثرثرة

العروس الحزينة ( ساحة سعد الله الجابري ) في حلب ، لم تلتئم جراحها بعد حتى راح أولئك المطبلون المزمرون ، يتراقصون على دمائها مثل مهرجي السيرك


نعم ، كل قطرة دم سورية خسران مبين ، وقد حزنت لمصير الصحفية ( منى بكور ) رحمها الله ، والتي قضت في الانفجار المروع صبيحة الأربعاء 3 / 10 / 2012 م ، دخلت على موقعها الموالي ( سورية القلعة ) وجدته سطحيا و مؤامراتيا و غبيا .. فما حكاية الساحة يا ناس ؟


كنا تلامذة و كانوا أيام المناسبات يحشروننا فيها ضحى ، فنسمع و نسمع و نسمع ثم ننصرف ، و في مهرجان القطن نتفرج على العروض الفلكلورية ، و إذ بالقطن يبيد و الثلج يذوب . ألغوا منها أولا خط الترماي و أزالوا سينما الجمهورية ، ثم منعوا منها التجمع و التعددية ، و بعد ذلك حولوها مربعا أمنيا محتكرا لشبيبتهم و شبيحتهم .. ساحة سعد الله الجابري ، الأولى مساحة و الثانية تراتبية ( ورثت باب الفرج ) و الثالثة جدة و امتدادا عمرانيا ، و حاليا هي الوسط في المدينة ، تحيطها الشوارع العريضة التي تصل مابين المنشية القديمة شرقا و الجميلية غربا و الحديقة العامة شمالا ، يطل عليها المبنى الرئيسي للبريد ( استوقفني فيه أحد حراسه من سرايا الدفاع في 1980 م و راح يتكلم بفجور و غطرسة ) و كذلك كان بقربه فرع الأمن السياسي و فرع حزب البعث ، و فرع لمحل سلورة المشتهر بحلاوة الجبن


الزعيم الراحل ( سعد الله الجابري ) 1891 - 1947 م ابن مفتي حلب و نقيب أشرافها ، ترأس الكتلة الوطنية و سجن في جزيرة أرواد ، و تسلم رئاسة وزراء سورية من 1943 إلى 1945 م . تنكر بلباس مطران أرثوذكسي لينفد من قصف الفرنسيين لفندق أوريان بالاس في دمشق ، و اختار سكنه على أطراف هذه الساحة ( عمارة مركز إم تي إن ) التي أصابها الدمار مع مقهى جحا التاريخي و نادي صف الضباط و الفندق السياحي الرائع


النظام أبو العنف و الجهالة و المجازر ، و كل ما يحدث اليوم كان متوقعا و هو في رقبته و رقبة رئيسه المائع المستهتر ( حتى مجزرة المدفعية 16 / 6 / 1979 م ) و هذه الكلفة البشرية الهائلة نتيجة وحيدة لسياساته و رعوناته و أفعاله ، و حين يقامرون بالوطن و الحقائق الساطعة و يتبجحون و يتفيهقون ، ستأتي سنن الله لتقول لهم : أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده وهم لا يشعرون ، الآية

أنطاكية .. والبطل معروف

منذ القرن 4 قبل الميلاد ، تأسس ( باب أنطاكية ) ليكون بوابة الشارع المستقيم الممتد من قلعة حلب إلى سورها الغربي ، إنه الباب الرئيس و الأقدم إذن . دخله الفاتحون بقيادة أبي عبيدة بن الجراح ( سنة 16 ه ) و أقاموا بقربه أول مسجد في مدينة حلب ، اسمه الأتراس ( وضع الجنود أتراسهم أمامهم في الصلاة ) و يسمى أيضا العمري و الغضائري و التوتة و الشعيبية إلخ .. و لكل تسمية قصة !! رممه كثيرون منهم سيف الدولة في 353 ه ، و ارتبط في المخيال الشعبي بسيرة الشيخ معروف بن جمر ( كان بطلا اشتهر بالكرة الحديدية التي حارب بها الصليبيين ، ما تزال معلقة هناك بسلسلة و مربوطة بعصا ، قطرها 20 سم ) وقد دفن صاحبها على بعد 700 م في المدرسة الشاذبختية ، حدثني عن حكاياته ابن خالتي محمود ، رحمه الله

أنطاكية القريبة ، المدينة التوأم و الشقيقة الرؤوم ، اختارت شعاع الشر واعتنقت مذهب ابن نصير ربما بسيف ( حسن المكزون ) في القرن السابع الهجري ! قبل ذلك أنشأ حسين الخصيبي ( 260 ه ) مركز حلب الباطني بإشراف علي الحلي ، و كذلك مركز بغداد بإشراف علي الجسري ( مركز حلب انتقل للساحل السوري و مركز بغداد دمره هولاكو في اجتياحه ) ، وقعت أنطاكية العربية و الحضارية فريسة العتمات و الأضاليل ، و كأنها ثانية تتنكب دعوة المرسلين و تتقمص طريق المسرفين

باب أنطاكية ، التاريخ و العراقة و كلة معروف ، تستقبلك حوانيته المتنوعة في السقطية و المحمص و بقية الأسواق و الخانات ، فيه جامع البهرمية و جامع عكش ( جامع عكش جامعة شرعية مصغرة أقامها الداعية الأستاذ عبد الوهاب طويلة ) .. كنت أشاهد العمال يقفون على جانبي الباب ، جلهم من الإخوة الأكراد . و مع أخبار الثورة تلحظ المسحة التجارية على السكنى في حي ( باب انطاكة ) كما يلفظه الحلبيون ، فكل شهدائه تقريبا من عابري السبيل قضوا في المستوصفات الميدانية المقامة حديثا ، وما تزال الاشتباكات ساخنة كل يوم


اللهم ارفع الضيم عن هذا الحي و كل أحياء سورية

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

الهلك .. والصواب

يخطئ معظم المذيعين بقراءة اسم حي ( الهلك ) !! الصواب هو بكسر الهاء و ضم اللام الثانية و تشديدها ، و رغم أن الأسماء لا تعلل ، لكن و لعل الكلمة كناية عن الهلع و الهلكة . وفي أوائل الستينيات بنى خال والدتي منزلا هناك ( هو والد المدرب الرياضي عمر إدلبي ) إنما تركه سريعا لابتعاده عن العمران ، و أن بعده يماثل المنفى .. كما عللوا

حي الهلك ، شمال حلب و شامتها . يقع على حدود بستان الباشا ، جنوب عين التل و شرقي الشيخ مقصود ، صغير المساحة متوسط الدخل و كبير الطموح .. صار في الحراك قوس الثورة ، و جل شوارعه و جوامعه : عمر بن الخطاب و عثمان بن مظعون و مالك بن أنس و الفتح و الزاوية و الشيخ فارس ، صبأت عن العبودية و الاستعباد و شهدت لأجل ذلك شهادة الحق و شمم الشهادة !. قدم من أطفاله ( مهند حسناتو ) و من حرائره ( أم حسين حياني ) و من مجنديه المنشقين و المشرقين كدوار الشمس ( عبد الهادي خلف ) و كذلك : أحمد الحجي و محمد الجبي و محمد تركي يوسف و محمد خير بنيان و محمد مصطفى قاسم و خالد فاسم و عدنان جركس و نورس إسماعيل ، و يحيى جاسم ( قتلوه تحت التعذيب ) و غيره و غيره


في 25 / 8 / 2012 م قصفوا فيها مشفى الحميات ومعها الأشجار و الحياة ، و قتل الإنسان المتوحش الحيوانات الأليفة الوديعة ، دفاعا عن مليارات الأسد و مخلوف ، و التزاما بتوجيهات المرشد الأعلى و خرافاته و أساطيره ! كذلك في 4 / 10 / 2012 م قصفوا مدرسة عبد المنعم قصاص


قديما ، كان تراب الهلك يتخذ استشفاء و دواء ، من الالتهابات الجلدية و الطفح الميكروبي ( للصغار و الكبار ) .. و حديثا ، حسام الهلك قرر أن يقطع أرجل أم أربع و أربعين ، الطويلة 


الهلك قررت الصواب ، اختارت الصواب .. ارتدى أحرارها خوذة الحرية

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

و .. المعادي

المغامرات الدموية الدراماتيكية التي تجتاح سورية الحبيبة ، باتت مثل مسلسلات الإكشن التي لا تصدق ، فالنظام الزائل المرذول نجح في عسكرة الثورة الشعبية ، لكنه - بالتأكيد - سيرسب في القضاء على أحرارها و فدائييها !! الثورة السورية هي ذلك الفتى الحوراني ( 21 / 9 / 2011 م ) الذي أكرهوه على السجود لصورة بشار ، و لما انحنى بصق عليها ، فأردوه .. شهيدا

بتاريخ 10 / 9 / 2012 م قصفوا المدرسة الظاهرية الأثرية الممتلئة باللاجئين من النساء و الأطفال في حي ( المعادي ) ، و قبلها قتلوا الطفل محمد شوا كيلاني في 8 / 8 / 2012 م ، متصورين أن انتصارهم المثالي هو وأد الطفولة من حمزة الخطيب ( درعا ) إلى حمزة البصمجي و منى البصمجي و سنا البصمجي ، ومعهم أمهم الشهيدة ( مجزرة الاثنين 24 / 9 / 2012 م ) على مائدة المعادي .. مرورا ببراعم اللاذقية و براءتها الباكية ، عز الدين و تقى و حمزة و عيسى الطايع ، الذين قتلوا حرقا و خنقا ! و ألوف سواهم ، لهفي عليهم أي هول رأته عيونهم الصغيرة ؟


حي المعادي ، عمره 600 سنة ، يقع شمال الفردوس و جنوب باب المقام و المقامات في حلب الجنوبية ( اشتق اسمه من معدا و هي سريانية تعني المنزلق ، و معادي القاهرة سميت لوجود معدية لعبور النيل ) ظهرت مظاهراته الهاتفة بالحرية من جوامعه و ساحاته ، المعادي و السبطين و بزة ، و ودع من شهدائه : أحمد ستر و محمد ديرو و محمد قصاب و محمد الرفاعي و طارق الأسود و عبد الحليم ترمانيني ، و عمر حاوي ( من يشاهد تأبين والد عمر لابنه العريس في 25 / 12 / 2011 م يعرف لماذا ستنتصر الثورة ، معنويات ولا أروع ) و لأن سعار العار من سمات بشار و أوباشه و معلميه ، فهو يلاحق الجنائز و يقصف الأموات أيضا .. هذا ما صنعه مع مقبرة ( السفيرة ) في المعادي يوم 8 / 8 / 2012 م


أصالة المعادي و أبجدياتها الوطنية الخلاقة بلا حدود ، منذ الثمانينيات وهي تكابد دموعها و كبرياءها ، وقتئذ ودعت من شهدائها : عبد الهادي ناعورة ، و عبد القادر طيبي ، و مصطفى الزين ، و محمود الزين ، و أحمد حجار ، و ماهر برغل ، و محمد برغل ، و والدهما ( أعطوا الوالد مسدسا و طلبوا منه أن يقتل ابنه محمد ، و لما رفض أطلقوا عليهما النار معا ) حدث هذا أمام باب بيتهم ، رحمهم الله

المعادي تعادي من يعادي .. تصادق من يصادق

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

الجامع الكبير


على بعد خطوات غربي قلعة حلب ، يرافقك التاريخ إلى ( الجامع الكبير ) تتمعن في صفحاته ، فيفتح لك قلبه
ذكروا أن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بناه ( سنة 96 ه ) منافسة لشقيقه الوليد في إقامة جامع دمشق ، ليكون لؤلؤة حلب و مركزها النابض . طوله 100 م و عرضه 80 م و ارتفاع منارته 50 م ، أحرقه في 962 م نقفور ( كلب الروم كما سماه الرشيد ) ليصلحه بعدها الأمير سعد الدولة ، و أصلحه ثانية نور الدين زنكي ( الشهيد ) بعد حريق 1169 م


آوى إليه خيرة العلماء و أحلى الأصوات ( كان عمر الدربي يؤذن الفجر ، و حسن حفار العصر ، و صبري مدلل العشاء ) و كذلك هو مضافة الغرباء و مستقر الأضراء و راحة النفس و الروح ! في داخله قبر زكريا النبي - كما يروى - و بجوار بابه الشمالي كنيسة هيلانة أم الملك قسطنطين ( أنشئت في 247 م ، دخلتها مرة مستطلعا ، ففرح القس برؤية هذا المسلم الصغير ) و على محيطه الأسواق القديمة - و الحديثة - و الخانات و الحركة التجارية و السياحية ، و بحسب موسوعة غينس فإن أسواق ( وراء الجامع ) هي الأطول في العالم ( مئات المحلات منها أحرقها نيرون الأسد في 29 / 9 / 2012 م تحت سمع و بصر اليونسكو و الإيسيسكو و الإلكسو ) عن سبق ترصد و تعمد


لا تغادرني صورة والدي و عمي محمد ديب و عمتي فاطمة و زوجها الحاج عمر مخللاتي ، وهم يجلسون كل اثنين قرب المئذنة ، بعد انتهاء درس الشيخ عبد الله سراج الدين ( حفظت منه حديث بني الإسلام على خمس ) رحمهم الله جميعا .. الآن ، هل يكفي الحنين و اللهفة و الدعاء للمسجد المحزون المحاصر بالعنف و النار و الدم ؟
الجامع الكبير مغلق منذ 17 / رمضان / 1433 ه ، و مديره الشيخ يوسف هنداوي يقبع في المعتقل منذ أسابيع طويلة ، لانتقاده استباحة الحرم و إدخال الخمور لساحاته ! و يقول موقع ( عكس السير ) أن قذيفة استهدفت الجامع في 18 / 9 / 2012 م فأوقعت عددا من الشهداء و المصابين


الجامع الكبير لم يركع لغير الله ، فلماذا يتصور أعداء الله أن يركع لهم ؟ المظاهرة الكبرى في 15 / 3 / 2012 م و رفع علم الاستقلال فوق ( القبلية ) و قبل ذلك و بعد ذلك من احتجاجات المصلين ، نيشان بطولة و خلود لجامع حلب الأول
شهدت فيه مظاهرة نسائية ، كانت بتاريخ 6 / 11 / 1979 م ، طالبت بالحرية و إطلاق سجناء الرأي و الضمير ، قادتها الأستاذة ( إلهام دلال ) زوجة المفكر الإسلامي د . منير الغضبان

أيها الجامع الكبير : قريبا يعود الأذان .. قريبا يردم الأخدود .. قريبا يأتي المؤمنون ، على كل ضامر ومن كل فج عميق