الجمعة، 14 سبتمبر 2012

ياسمين الفرقان

أول مرة سمعت قصيدة شوقي : ولد الهدى فالكائنات ضياء / و فم الزمان تبسم و ثناء ، كانت بإنشاد المبدع صبري مدلل و فرقته ، من ( جامع الفرقان ) في حفل المولد النبوي سنة 1396 ه تقريبا . هذا الجامع الجميل قصته تشبه ما روي عن المسجد الأموي الدمشقي ، عندما كان كنيسة فاشتراها الخليفة من بيت المال ، و حولها إلى جامع و حرم وسيع .. جامع الفرقان لم يكن كنيسة بل كان مرقصا و ناديا للعرق و القمار اسمه ( المونتانا ) يقع غربي حلب على ربوة عالية مابين الجامعة و كلية الأمريكان ، في الشارع الرئيسي الواصل لميدان الكرة الأرضية وما بعدها . اشتراه الموسر الحاج أحمد الصغير من ماله الصالح ، و جعله مسجدا و طهورا ، بشفاعة و توصية الشيخ الغيور  محمد النبهان - رحمهما الله - في مطلع السبعينيات الميلادية

يمتاز الجامع بحديقته الرحبة و عرائش الياسمين الأبيض ، و في مناسباته الرمضانية و غيرها كانوا يضعون السقيا و ألواح الثلج في أطشات مكشوفة ، فتتنزل عليها من فوق مئات الأزهار الفواحة و تستلقي على صفحة الماء ، ليشرب المصلون نميرا فراتا ولا أحلى

كان يخطب على منبره الشيخ أحمد حسون ( الذي أخلد إلى الأرض نسأل الله حسن الخاتمة ) و يؤذن الجمعة فيه أستاذ القدود حسن الحفار . و بعد العصر كان هناك درس وعظي للشيخ كامل السرميني ، و من المغرب للعشاء مولد و كلمة بإشراف الحاج التاجر الصدوق محمد باذنجكي ، قبل أن يكون مشروع جامع و مستشفى الرحمن
ابتدأ العمران حول المسجد مكونا حي الفرقان ، و كان يسكنه علامة حلب الشيخ عبد الله سراج الدين ، ومن ثم أضيف إليه  تجميل الفرقان  ليمتد غربا حتى الطريق الدائري أو المحلق ، و جنوبا إلى مشارف حلب الجديدة و المعهد العلمي .  و لأنه الحي المسكون بروح الفرقان تفجرت فيه ينابيع الثورة و الحقانية ، و خرجت من مساجده مئات التظاهرات المطالبة بالحرية و الآدمية ، و لترمي من أكتافها الآصار و الأغلال ومن قلوبها الخوف و الخنوع ! سقط في طرقاته عشرات الجرحى و الكثير من الشهداء ، فسمعنا عن الشهيد الطالب أنس سيمو و الشهيد ثائر خنكرلي و الشهيد مصعب الأحمد و الشهيد عبد الباسط حميدة و الشهيد مصطفى قاسم ، سلام و رحمة عليهم

حي الفرقان هو الحي الوحيد الذي بادر سكانه لتغيير أسماء شوارعهم ، إلى أسماء شهداء الثورة السورية .. أما الحسون فذهب منذ سنين طويلة محتلا منبر جامع الروضة ، لكن جامع الروضة بقي منتسبا لإمامه الأول الشيخ طاهر خير الله - دفين البقيع - و بقي الفرقان منتسبا لمدرسة التقوى و رسالة قباء

رحم الله من قال : ما كان لله فهو المتصل ، و ما كان لغيره فهو المنفصل .. و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق