أول
مرة سمعت قصيدة شوقي : ولد الهدى فالكائنات ضياء / و فم الزمان تبسم و
ثناء ، كانت بإنشاد المبدع صبري مدلل و فرقته ، من ( جامع الفرقان ) في حفل
المولد النبوي سنة 1396 ه تقريبا . هذا الجامع الجميل قصته تشبه ما روي عن
المسجد الأموي الدمشقي ، عندما كان كنيسة فاشتراها الخليفة من بيت المال ،
و حولها إلى جامع و حرم وسيع .. جامع الفرقان لم يكن كنيسة بل كان مرقصا و
ناديا للعرق و القمار اسمه ( المونتانا ) يقع غربي حلب على ربوة عالية
مابين الجامعة و كلية الأمريكان ، في الشارع الرئيسي الواصل لميدان الكرة
الأرضية وما بعدها . اشتراه الموسر الحاج أحمد الصغير من ماله الصالح ، و
جعله مسجدا و طهورا ، بشفاعة و توصية الشيخ الغيور محمد النبهان - رحمهما
الله - في مطلع السبعينيات الميلادية
يمتاز
الجامع بحديقته الرحبة و عرائش الياسمين الأبيض ، و في مناسباته الرمضانية
و غيرها كانوا يضعون السقيا و ألواح الثلج في أطشات مكشوفة ، فتتنزل عليها
من فوق مئات الأزهار الفواحة و تستلقي على صفحة الماء ، ليشرب المصلون
نميرا فراتا ولا أحلى
كان
يخطب على منبره الشيخ أحمد حسون ( الذي أخلد إلى الأرض نسأل الله حسن
الخاتمة ) و يؤذن الجمعة فيه أستاذ القدود حسن الحفار . و بعد العصر كان
هناك درس وعظي للشيخ كامل السرميني ، و من المغرب للعشاء مولد و كلمة
بإشراف الحاج التاجر الصدوق محمد باذنجكي ، قبل أن يكون مشروع جامع و
مستشفى الرحمن
ابتدأ
العمران حول المسجد مكونا حي الفرقان ، و كان يسكنه علامة حلب الشيخ عبد
الله سراج الدين ، ومن ثم أضيف إليه تجميل الفرقان ليمتد غربا حتى الطريق
الدائري أو المحلق ، و جنوبا إلى مشارف حلب الجديدة و المعهد العلمي . و
لأنه الحي المسكون بروح الفرقان تفجرت فيه ينابيع الثورة و الحقانية ، و
خرجت من مساجده مئات التظاهرات المطالبة بالحرية و الآدمية ، و لترمي من
أكتافها الآصار و الأغلال ومن قلوبها الخوف و الخنوع ! سقط في طرقاته عشرات
الجرحى و الكثير من الشهداء ، فسمعنا عن الشهيد الطالب أنس سيمو و الشهيد
ثائر خنكرلي و الشهيد مصعب الأحمد و الشهيد عبد الباسط حميدة و الشهيد
مصطفى قاسم ، سلام و رحمة عليهم
حي
الفرقان هو الحي الوحيد الذي بادر سكانه لتغيير أسماء شوارعهم ، إلى أسماء
شهداء الثورة السورية .. أما الحسون فذهب منذ سنين طويلة محتلا منبر جامع
الروضة ، لكن جامع الروضة بقي منتسبا لإمامه الأول الشيخ طاهر خير الله -
دفين البقيع - و بقي الفرقان منتسبا لمدرسة التقوى و رسالة قباء
رحم الله من قال : ما كان لله فهو المتصل ، و ما كان لغيره فهو المنفصل .. و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق